المسألة السادسة أن الطلاق على ضربين : سنة وبدعة  ، واختلف في تفسيره ، فقال علماؤنا : طلاق السنة ما جمع سبعة شروط ; وهي أن يطلقها واحدة ، وهي ممن تحيض ، طاهرا لم يمسها في ذلك الطهر ، ولا تقدمه طلاق في حيض ، ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه ، وخلا عن العوض ; وهذه الشروط السبعة مستقرآت من حديث  ابن عمر  المتقدم ، حسبما بيناه في شرح الحديث ومسائل الفقه . 
وقال  الشافعي    : طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر طلقة ، ولو طلقها ثلاثا في طهر لم يكن بدعة . وقال  أبو حنيفة    : طلاق السنة أن يطلقها في كل قرء طلقة . يقال ذلك لفقه يتحصل ; وهو : أن السنة عندنا في الطلاق تعتبر بالزمان والعدد . 
وفارق  مالك   أبا حنيفة  بأن  مالكا  قال : يطلقها واحدة في طهر لم يمسها فيه ، ولا يتبعه طلاق في العدة ، ولا يكون الطهر تاليا لحيض وقع في الطلاق ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم {   : مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تحيض ، ثم تطهر ، ثم تحيض فتطهر ; فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء   } . 
وقال الشعبي    : يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه . وتعلق  الشافعي  بظاهر قوله : { فطلقوهن لعدتهن    } وهذا عام في كل طلاق ، كان واحدة  [ ص: 234 ] أو اثنتين . وإنما راعى الله سبحانه الزمان في هذه الآية ولم يعتبر العدد ، وهذه غفلة عن الحديث الصحيح فإنه قال فيه : مره فليراجعها ، وهذا يدفع الثلاث . 
وفي الحديث أنه قال {   : أرأيت لو طلقتها ثلاثا ؟ قال له : حرمت عليك ، وبانت منك بمعصية   } . 
وقال  أبو حنيفة    : ظاهر الآية يدل على أن الطلاق الثلاث والواحدة سواء . وهو مذهب  الشافعي    : ولولا قوله بعد ذلك : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا    } . وهذا يبطل دخول الثلاث تحت الآية . وكذلك قال أكثر العلماء ، وهو نمط بديع لهم . 
وأما  مالك  فلم يخف عليه إطلاق الآية كما قالوا ، ولكن الحديث فسرها كما قلنا وبيانه التام في شرح الحديث وكتب المسائل . 
وأما قول الشعبي    : إنه يجوز طلاق في طهر جامع فيه فيرده حديث  ابن عمر  بنصه ومعناه ، أما نصه فقد قدمناه . وأما معناه فلأنه إذا منع من طلاق الحائض لعدم الاعتداد به فالطهر المجامع فيه أولى بالمنع ; لأنه يسقط الاعتداد به وبالحيض التالي له . 
				
						
						
