المسألة الثالثة قوله : { لم تحرم } إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس ذلك بيمين عندنا في المعنى ، ولا يحرم شيئا حرم ولم يحلف . قول الرجل : هذا حرام علي ، حاشا الزوجة
وقال : إذا أطلق حمل على المأكول والمشروب دون الملبوس ، وكانت يمينا توجب الكفارة . أبو حنيفة
[ وقال : هو يمين في الكل ، حتى في الحركة والسكون . وعول المخالف على أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم العسل ، فلزمته الكفارة ] . زفر
وقد قال الله تعالى فيه : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } فسماه يمينا ; وعول أيضا على أن معنى اليمين التحريم ، فإذا وجد ملفوظا به تضمن معناه كالملك في البيع .
ودليلنا قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } . وقوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون } فذم الله المحرم للحلال ، ولم يوجب عليه كفارة .
وقد بينا ذلك عند ذكر هذه الآيات ، وهذا ينقض مذهب المخالفين : ، زفر ، وينقض مذهب وأبي حنيفة إخراجه اللباس منه ، ولا جواب له عنه ، وخفي عن القوم سبب الآية ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حلف ألا يشرب عسلا . وكان ذلك سبب الكفارة ; وقيل له : لم تحرم . وقولهم : إن معنى النهي تحريم الحلال فكان [ ص: 255 ] كالمال في البيع لا يصح ; بل التحريم معنى يركب على لفظ اليمين ، فإذا لم يوجد اللفظ لم يوجد المعنى بخلاف الملك فإنه لم يركب على لفظ البيع ، بل هو في معنى لفظه ، وقد استوعبنا القول في كتاب تخليص التلخيص ، والإنصاف في مسائل الخلاف . أبي حنيفة