الآية الثانية ودوا لو تدهن فيدهنون } . فيها مسألتان : المسألة الأولى ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوال ، كلها دعاوى على اللغة والمعنى ، أمثلها قولهم : ودوا لو تكذب فيكذبون . ودوا لو تكفر فيكفرون . : {
وقال أهل اللغة : الإدهان هو التلبيس ، معناه : ودوا لو تلبس إليهم في عملهم وعقدهم فيميلون إليك . [ ص: 264 ]
وحقيقة الإدهان إظهار المقاربة مع الاعتقاد للعداوة ; فإن كانت المقاربة باللين فهي مداهنة ، وإن كانت مع سلامة الدين فهي مداراة أي مدافعة .
وقد ثبت في الصحيح عن أنه { عائشة ; إن شر الناس منزلة من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه عائشة } . استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة هو ، أو ابن العشيرة ; فلما دخل ألان له الكلام ، فقلت له : يا رسول الله ; قلت ما قلت ، ثم ألنت له في القول ، فقال لي : يا
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } . : مثل المداهن في حدود الله والقائم عليها كمثل قوم استهموا في سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها ، وأصاب بعضهم أسفلها ، فأراد الذين في أسفلها أن يستقوا الماء على الذين في أعلاها فمنعوهم ، فأرادوا أن يستقوا الماء في أسفل السفينة ، فإن منعوهم نجوا ، وإن تركوهم هلكوا جميعا
وقد قال الله تعالى : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } . قال المفسرون : يعني مكذبون ، وحقيقته ما قدمناه أي أفبهذا الحديث أنتم مقاربون في الظاهر مع إضمار الخلاف في الباطن ، يقولون : الله ، الله . ثم يقولون : مطرنا بنجم كذا ، ونوء كذا ، ولا ينزل المطر إلا الله سبحانه غير مرتبط بنجم ولا مقترن بنوء . وقد بيناه في موضعه . المسألة الثانية قال الله سبحانه : { لو تدهن فيدهنون } فساقه على العطف ، ولو جاء به جواب التمني لقال فيدهنوا ، وإنما أراد أنهم تمنوا لو فعلت فيفعلون مثل فعلك عطفا ، لا جزاء عليه ، ولا مكافأة له ، وإنما هو تمثيل وتنظير .