المسألة السابعة : : فيه ثلاثة أقوال : حقيقة الرشد
الأول : صلاح الدين والدنيا ، والطاعة لله ، وضبط المال ; وبه قال الحسن . والشافعي
الثاني : إصلاح الدنيا والمعرفة بوجوه أخذ المال والإعطاء والحفظ له عن التبذير ; قاله . مالك
الثالث : بلوغ خمس وعشرين سنة ; قاله . وعول أبو حنيفة على أنه لا يوثق على دينه فكيف يؤتمن على ماله ، كما أن الفاسق لما لم يوثق على صدق مقالته لم تجز شهادته . قلنا له : العيان يرد هذا ، فإنا نشاهد المتهتك في المعاصي حافظا لماله ، فإن غرض الحفظين مختلف ; أما غرض الدين فخوف الله سبحانه ، وأما غرض الدنيا فخوف فوات الحوائج والمقاصد وحرمان اللذات التي تنال به ; ويخالف هذا الفاسق ; فإن قبول الشهادة مرتبة والفاسق محطوط المنزلة شرعا . وعول الشافعي على أن من بلغ خمسا وعشرين سنة صلح أن يكون جدا فيقبح أن يحجر عليه في ماله . قلنا : هذا ضعيف لأنه إذا كان جدا ولم يكن ذا جد فماذا ينفعه جد النسب وجد البخت فائت ؟ وقد قال أبو حنيفة : إن الرجل ليبلغ خمسا وعشرين سنة لتنبت لحيته ليشيب وهو ضعيف الأخذ لنفسه ضعيف الإعطاء . وقد قال ابن عباس : رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة ، ولعل ذلك في النساء أقرب منه في الرجال . الشافعي
المسألة الثامنة : عاد عليه الحجر . [ ص: 421 ] وقال إذا سلم المال إليه بوجه الرشد ، ثم عاد إلى السفه بظهور تبذير وقلة تدبير : لا يعود ; لأنه بالغ عاقل بدليل جواز إقراره في الحد والقصاص . ودليلنا قوله تعالى : { أبو حنيفة ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } وقال : { فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل } ولم يفرق بين أن يكون محجورا سفيها أو يطرأ ذلك عليه بعد الإطلاق .
ويعضد هذا ما روي أن اشترى ضيعة بستين ألفا ، فقال عبد الله بن جعفر : ما يسرني أنها لي بنعلي ، وقال عثمان : ألا تأخذ على ابن أخيك وتحجر عليه فعل كذا . فجاء لعلي إلى علي ليحجر عليه ، فقال عثمان : أنا شريكه ، فقال الزبير : كيف أحجر على رجل شريكه عثمان ، رواه الزبير . فهذان خليفتان قد نظرا في هذا وعزما على فعله لولا ظهور السداد بعد ذلك فيه . الدارقطني