المسألة السادسة : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=13985فإن كن نساء فوق اثنتين } وهي معضلة عظيمة فإنه تعالى لو قال : فإن كن اثنتين فما فوقهما فلهن ثلثا ما ترك لانقطع النزاع ، فلما جاء القول هكذا مشكلا وبين حكم الواحدة بالنصف وحكم ما زاد على الاثنتين بالثلثين ، وسكت عن
nindex.php?page=treesubj&link=13728حكم البنتين أشكلت الحال ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : تعطى البنات النصف ، كما تعطى الواحدة ; إلحاقا للبنتين بالواحدة من طريق النظر ; لأن الأصل عدم الزيادة على النصف ، وأن ذلك لما زاد على البنتين فتختص الزيادة بتلك الحال . الجواب : أن الله سبحانه وتعالى لو كان مبينا حال البنتين بيانه لحال الواحدة وما فوق البنتين لكان ذلك قاطعا ، ولكنه ساق الأمر مساق الإشكال ; لتتبين درجة العالمين ، وترتفع منزلة المجتهدين في أي المرتبتين [ في ] إلحاق البنتين أحق ؟
[ ص: 437 ] وإلحاقهما بما فوق الاثنتين أولى من ستة أوجه : الأول : أن الله سبحانه وتعالى لما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين } نبه على أنه إذا وجب لها مع أخيها الثلث فأولى وأحرى أن يجب لها ذلك مع أختها .
الثاني : أنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7976أنه قضى في nindex.php?page=treesubj&link=14033_13941_13837_13836بنت وبنت ابن وأخت بالسدس لبنت الابن ، والنصف للبنت تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت } ، فإذا كان لبنت الابن مع البنت الثلثان فأحرى وأولى أن يكون لها ذلك مع أختها .
الثالث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3912أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالثلثين لابنتي سعد بن الربيع } كما قدمنا ، وهو نص .
الرابع : أن المعنى فيه : فإن كن نساء اثنتين فما فوقهما ، كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12فاضربوا فوق الأعناق } أي اضربوا الأعناق فما فوقها .
الخامس : أن النصف سهم لم يجعل فيه اشتراك ; بل شرع مخلصا للواحدة ، بخلاف الثلثين فإنه سهم الاشتراك بدليل دخول الثلاث فيه فما فوقهن ; فدخلت فيه الاثنتان مع الثلث دخول الثلاث مع ما فوقهن .
السادس : أن الله سبحانه قال في الأخوات : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وله أخت فلها نصف ما ترك } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان } فلحقت الابنتان بالأختين في الاشتراك في الثلثين ، وحملتا عليهما ، ولحقت الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين وحملتا عليهن . قال بعض علمائنا : كما حملنا الابن في الإحاطة بالمال بطريق التعصيب على الأخ ، بدليل قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وهو يرثها إن لم يكن لها ولد } وهذا كله ليتبين به العلماء أن القياس مشروع ، والنص قليل . وهذه الأوجه الستة بينة المعنى ، وإن كان بعضها أجلى من بعض ; لكن مجموعها يبين المقصود .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=13985فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ } وَهِيَ مُعْضِلَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ : فَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ لَانْقَطَعَ النِّزَاعُ ، فَلَمَّا جَاءَ الْقَوْلُ هَكَذَا مُشْكِلًا وَبَيَّنَ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ بِالنِّصْفِ وَحُكْمَ مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ ، وَسَكَتَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=13728حُكْمِ الْبِنْتَيْنِ أُشْكِلَتْ الْحَالُ ، فَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : تُعْطَى الْبَنَاتُ النِّصْفَ ، كَمَا تُعْطَى الْوَاحِدَةُ ; إلْحَاقًا لِلْبِنْتَيْنِ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا زَادَ عَلَى الْبِنْتَيْنِ فَتَخْتَصُّ الزِّيَادَةُ بِتِلْكَ الْحَالِ . الْجَوَابُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَوْ كَانَ مُبَيِّنًا حَالَ الْبِنْتَيْنِ بَيَانَهُ لِحَالِ الْوَاحِدَةِ وَمَا فَوْقَ الْبِنْتَيْنِ لَكَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا ، وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْأَمْرَ مَسَاقَ الْإِشْكَالِ ; لِتَتَبَيَّنَ دَرَجَةُ الْعَالِمِينَ ، وَتَرْتَفِعَ مَنْزِلَةُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أَيِّ الْمَرْتَبَتَيْنِ [ فِي ] إلْحَاقِ الْبِنْتَيْنِ أَحَقُّ ؟
[ ص: 437 ] وَإِلْحَاقُهُمَا بِمَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لَهَا مَعَ أَخِيهَا الثُّلُثُ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا .
الثَّانِي : أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7976أَنَّهُ قَضَى فِي nindex.php?page=treesubj&link=14033_13941_13837_13836بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ بِالسُّدُسِ لِبِنْتِ الِابْنِ ، وَالنِّصْفِ لِلْبِنْتِ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ } ، فَإِذَا كَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ الثُّلُثَانِ فَأَحْرَى وَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا .
الثَّالِثُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3912أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالثُّلُثَيْنِ لِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ } كَمَا قَدَّمْنَا ، وَهُوَ نَصٌّ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ : فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ } أَيْ اضْرِبُوا الْأَعْنَاقَ فَمَا فَوْقَهَا .
الْخَامِسُ : أَنَّ النِّصْفَ سَهْمٌ لَمْ يُجْعَلْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ ; بَلْ شُرِعَ مُخْلَصًا لِلْوَاحِدَةِ ، بِخِلَافِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ سَهْمُ الِاشْتِرَاكِ بِدَلِيلِ دُخُولِ الثَّلَاثِ فِيهِ فَمَا فَوْقَهُنَّ ; فَدَخَلَتْ فِيهِ الِاثْنَتَانِ مَعَ الثُّلُثِ دُخُولَ الثَّلَاثِ مَعَ مَا فَوْقَهُنَّ .
السَّادِسُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي الْأَخَوَاتِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ } فَلَحِقَتْ الِابْنَتَانِ بِالْأُخْتَيْنِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الثُّلُثَيْنِ ، وَحُمِلَتَا عَلَيْهِمَا ، وَلَحِقَتْ الْأَخَوَاتُ إذَا زِدْنَ عَلَى اثْنَتَيْنِ بِالْبَنَاتِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الثُّلُثَيْنِ وَحُمِلَتَا عَلَيْهِنَّ . قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : كَمَا حَمَلْنَا الِابْنَ فِي الْإِحَاطَةِ بِالْمَالِ بِطَرِيقِ التَّعْصِيبِ عَلَى الْأَخِ ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ } وَهَذَا كُلُّهُ لِيَتَبَيَّنَ بِهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَشْرُوعٌ ، وَالنَّصَّ قَلِيلٌ . وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ السِّتَّةُ بَيِّنَةُ الْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَجْلَى مِنْ بَعْضٍ ; لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُبِينُ الْمَقْصُودَ .