المسألة الثامنة والعشرون : قوله تعالى : { ماء } : قال : هذا نفي في نكرة ، وهو يعم لغة ; فيكون مفيدا جواز أبو حنيفة ; لانطلاق اسم الماء عليه . قلنا : استنوق الجمل ، الآن يستدل أصحاب الوضوء بالماء المتغير وغير المتغير باللغات ، ويقولون على ألسنة أبي حنيفة العرب ، وهم ينبذونها في أكثر المسائل بالعراء ، واعلموا أن النفي في النكرة يعم كما قلتم ، ولكن في الجنس ; فهو عام في كل ما كان من سماء أو بئر أو عين أو نهر أو بحر عذب أو ملح ; فأما غير الجنس فهو المتغير ، فلا يدخل فيه ، كما لم يدخل فيه ماء الباقلاء . [ ص: 567 ] وقد مهدنا ذلك في الكلام على منع الوضوء بالماء المتغير بالزعفران في " كتاب التلخيص " . ومن هاهنا وهم في قوله : إنه إذا الشافعي أنه يستعمله فيما كفاه ويتيمم لباقيه ; فخالف مقتضى اللغة وأصول الشريعة . وجد من الماء ما لا يكفيه لأعضاء الوضوء كلها
أما مقتضى اللغة فإن الله سبحانه قال : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا } وأراد في جميع البدن ، ثم قال { فلم تجدوا ماء فتيمموا } فاقتضى ذلك الماء الذي يقوم له بحق ما تقدم الأمر فيه والتكليف له ; فإن آخر الكلام مرتبط بأوله . وأما مخالفته للأصول فليس في الشريعة موضع يجمع فيه بين الأصل والبدل ، وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف ، وبهذا تعلق الأئمة في ، و هي : الوضوء بماء البحر
المسألة التاسعة والعشرون : قال رضي الله عنه : إنه لا يجوز الوضوء به ; لأنه ماء النار أو لأنه طين جهنم ، وكأنهم يشيرون إلى أنه ماء عذاب فلا يكون ماء قربة . وقد { ابن عمر منع النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلوا به بديار ثمود ألا يشرب ولا يتوضأ من آبارهم إلا من بئر الناقة ، وأوقفهم عليه } ; وهي إحدى معجزاته صلى الله عليه وسلم . قلنا : قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ماء البحر : { } . [ ص: 568 ] وقد روي عن هو الطهور ماؤه الحل ميتته أن ماء البحر هو طهور الملائكة ، إذا نزلوا توضئوا ، وإذا صعدوا توضئوا ، فيقابل حديث ابن عباس بحديث ابن عمر ويبقى لنا مطلق الآية ، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم . ابن عباس