المسألة الخامسة والسادسة : قوله تعالى : { ولو على أنفسكم } : أمر الله سبحانه العبد بأن يشهد على نفسه بالحق ، ويسمي ، كما تسمى الشهادة على الغير الإقرار . الإقرار على نفسه شهادة
وفي حديث { ماعز : فلم يرجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقر على نفسه أربع مرات } ، ولا يبالي المرء أن يقول الحق على نفسه لله جل وعلا فالله يفتح له . قال الله سبحانه : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } إلا أنه في باب الحدود ندب إلى أن يستر على نفسه فيتوب حتى يحكم الله له ; بل إنه يجوز أن يقر على نفسه بالحد إذا رأى غيره قد ابتلي به وهو صاحبه ، فيشهد على نفسه ليخلصه ويبرئه .
روى أبو داود { والنسائي الحلاج أنه كان يعمل في السوق فرمت امرأة صبيا . قال : فثار الناس وثرت فيمن ثار ، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من أبو هذا معك ؟ فقال فتى حذاءها : أنا أبوه يا رسول الله . فأقبل عليها فقال : من أبو هذا معك ؟ فسكتت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنها حديثة السن حديثة عهد بحزن وليست تكلمك ، أنا أبوه ; فنظر إلى بعض أصحابه كأنه يسألهم عنه ، فقالوا : ما علمنا إلا [ ص: 637 ] خيرا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أحصنت . قال : نعم ، فأمر به فرجم . قال : فخرجنا فحفرنا له حتى أمكناه ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ محتضرا } . عن