المسألة الثالثة : قوله تعالى : { ولا يذكرون الله إلا قليلا } : وروى الأئمة وغيره عن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أنس تلك صلاة المنافقين . يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس ، وكانت بين قرني الشيطان ، أو على قرني الشيطان ، قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا صلاة المنافقين } . فذمها صلى الله عليه وسلم بقلة ذكر الله سبحانه فيها ; لأنه يراها أثقل عليه من الجبل ، فيطلب الخلاص منها بظاهر من القول والعمل ، وأقل ما يجزئ فيها من الذكر فرضا الفاتحة . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله عز وجل . تلك صلاة [ ص: 643 ] المنافقين . تلك إقامة الصلب في الركوع والسجود ، والطمأنينة فيهما ، والاستواء عند الفصل بينهما . ففي الحديث الصحيح : { وأقل ما يجزئ من العمل في الصلاة } ، { لا تجزئ صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود } . وعلم الأعرابي على ما روي في الصحيح فقال له : فاركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تطمئن رافعا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها
وذهب ابن القاسم إلى أن الطمأنينة ليست بفرض ، وهي رواية عراقية لا ينبغي لأحد من المالكيين أن يشتغل بها ، فليس للعبد شيء يعول عليه سواها ; فلا ينبغي أن ينقرها نقر الغراب ، ولا يذكر الله بها ذكر المنافقين ، وقد بين صلاة المنافقين في هذه الآية ، وبين وأبو حنيفة ، فقال : { صلاة المؤمنين قد أفلح المؤمنون الذين هم [ ص: 644 ] في صلاتهم خاشعون } ومن خشع خضع واستمر ، ولم ينقر ولا استعجل ، إلا أن يكون له عذر فيقتصر على الفرض الذي قد بيناه . وقد ثبت في الصحيح عن أنه ذكر صلاة أنس بن مالك فقال : هذا أشبهكم صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجزة في تمام . عمر بن عبد العزيز