المسألة الخامسة : قوله تعالى : { إلا من ظلم } : قرئ بفتح الظاء ، وقرئ بضمها ، وقال أهل العربية : كلا القراءتين هو استثناء ليس من الأول ، وإنما هو بمعنى : لكن من ظلم . ويجوز أن يكون موضع " من " رفعا على البدل من أحد . التقدير : لا يحب لأحد إلا من ظلم . والذي قرأها بالفتح هو الجهر بالسوء ، وكان من العلماء بالقرآن ، وقد أغفل المتكلمون على الآية تقديرها وإعرابها ، وقد بيناه في ملجئة المتفقهين . زيد بن أسلم
واختصاره أن الآية لا بد فيها من حذف مقدر ، تقديره في فاتحة الآية ليأتي الاستثناء مركبا على معنى مقدر خير من تقديره هذا الاستثناء فنقول : معنى الآية لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لأحد إلا من ظلم بضم الظاء . أو نقول مقدرا للقراءة الأخرى : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لأحد إلا من ظلم ، فهذا خير لك من أن تقول تقديره : لكن من ظلم بضم الظاء فإنه كذا . أو من ظلم فإنه كذا ، التقدير أبعد منه وأضعف ، كما قدر العلماء المحققون في قوله تعالى : { إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم } . قيل الاستثناء تقديرا انتظم به الكلام واتسق به المعنى ; قالوا : تقدير الآية إني لا يخاف لدي المرسلون ، لكن يخاف الظالمون ، إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء ، فإني غفور رحيم .