المسألة الثالثة : قوله تعالى : { فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا    } ظاهره خلاف مشاهدته ، فإنه لم يقتل إلا واحدا ، ولكنه تحمل أوجها من المجاز . منها : أن عليه إثم من قتل جميع الناس ، وله أجر من أحيا جميع الناس إذا أصروا على الهلكة . ومنها : أن من قتل واحدا فهو متعرض لأن يقتل جميع الناس  ، ومن أنقذ واحدا من غرق أو حرق أو عدو فهو معرض لأن يفعل مع جميع الناس  ذلك ; فالخير عادة والشر لجاجة 
. وروي في الصحيح { أن رجلا قتل تسعة وتسعين ، ثم جاء عالما فسأله : هل لي من توبة ؟ فقال له : لا ، فكمل المائة به ، ثم جاء غيره ، فسأله ، فقال : لك توبة   } الحديث { إلى أن قبضه الله عز وجل على التوبة والرحمة   } . ومنها : أن من قتل واحدا فقد سن لغيره أن يقتدي به ، فكل من يقتل يأخذ بحظه من إثم ، وكذلك من أحيا مثله في الأجر ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من نفس تقتل إلا كان على ابن آدم  الأول كفل منها   } ; لأنه أول من سن القتل . 
				
						
						
