المسألة الرابعة : قوله : { الحرام } : سماها الله سبحانه حراما بتحريمه إياها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، فهي حرام بحرمة الله تعالى ، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد بها شجرا ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له : إن الله سبحانه أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب } . إن
رواه الكل من الأئمة ، وثبت عنه في رواية الأئمة أنه { } قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : أي شهر هذا ؟ فسكتنا ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى . قال : أي بلد هذا ؟ فسكتنا ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . [ ص: 207 ] فقال : أليس البلدة ؟
يعني قوله تعالى : { إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء } .
وفي رواية أنه قال : { البلد الحرام ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم } . أليس
ومعنى قوله تعالى : حرمها أي بعلمه وكتابه وكلامه وإخباره بتحريمها وخلقه لتحريمها ، كل ذلك منه صحيح ، وإليه منسوب .
فإن قيل : ومن أي شيء حرمها ؟ قلنا : من سطوة الجبابرة ومن ظلمة الكفر فيها بعد محمد صلى الله عليه وسلم .
فإن قيل : فقد قال في الحديث الصحيح : { الكعبة ذو السويقتين من الحبشة } . ليخربن
قلنا : هذا عند انقلاب الحال ، وانقضاء الزمن ، وإقبال الساعة ، وسيأتي بيانه الآن إن شاء الله تعالى .