قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما   
 [ ص: 371 ] قوله تعالى : فبما نقضهم ميثاقهم  فبما نقضهم خفض بالباء وما زائدة مؤكدة كقوله : فبما رحمة من الله  وقد تقدم ؛ والباء متعلقة بمحذوف ، التقدير : فبنقضهم ميثاقهم لعناهم ؛ عن قتادة  وغيره . وحذف هذا لعلم السامع . وقال  أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي    : هو متعلق بما قبله ؛ والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله : فبما نقضهم ميثاقهم  قال : ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء وسائر ما بين من الأشياء التي ظلموا فيها أنفسهم . وأنكر ذلك الطبري  وغيره ؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى  ، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم  بالبهتان كانوا بعد موسى  بزمان ، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برميهم مريم  بالبهتان . قال المهدوي  وغيره : وهذا لا يلزم ؛ لأنه يجوز أن يخبر عنهم والمراد آباؤهم ؛ على ما تقدم في " البقرة " . قال الزجاج    : المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ؛ لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله : فبظلم من الذين هادوا حرمنا    . ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : المعنى فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم . وقيل : المعنى فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلا ؛ والفاء مقحمة . وكفرهم عطف ، وكذا وقتلهم . والمراد بآيات الله  كتبهم التي حرفوها . وغلف جمع غلاف ؛ أي قلوبنا أوعية للعلم فلا حاجة بنا إلى علم سوى ما عندنا . وقيل : هو جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف ؛ أي قلوبنا في أغطية فلا نفقه ما تقول ؛ وهو كقوله : قلوبنا في أكنة  وقد تقدم هذا في " البقرة " وغرضهم بهذا درء حجة الرسل . والطبع : الختم ؛ وقد تقدم في " البقرة " . بكفرهم أي : جزاء لهم على كفرهم ؛ كما قال : بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون  أي إلا إيمانا قليلا أي ببعض الأنبياء ، وذلك غير نافع لهم . ثم كرر وبكفرهم ليخبر أنهم كفروا كفرا بعد كفر . وقيل : المعنى   [ ص: 372 ] وبكفرهم بالمسيح  ؛ فحذف لدلالة ما بعده عليه ، والعامل في " بكفرهم " هو العامل في " بنقضهم " لأنه معطوف عليه ، ولا يجوز أن يكون العامل فيه طبع . والبهتان العظيم : رميها بيوسف النجار  وكان من الصالحين منهم . والبهتان الكذب المفرط الذي يتعجب منه وقد تقدم . والله سبحانه وتعالى أعلم . 
				
						
						
