قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون
فيه ثلاث عشرة مسألة :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر هذا حكم بتحليل صيد البحر ، وهو كل ما صيد من حيتانه والصيد هنا يراد به المصيد ، وأضيف إلى البحر لما كان منه بسبب ، وقد مضى القول في البحر في " البقرة " والحمد لله . و ( متاعا ) نصب على المصدر أي : متعتم به متاعا .
الثانية : قوله تعالى : و ( طعامه ) الطعام لفظ مشترك يطلق على كل ما يطعم ، ويطلق على مطعوم خاص كالماء وحده ، والبر وحده ، والتمر وحده ، واللبن وحده ، وقد يطلق على النوم كما تقدم ; وهو هنا عبارة عما قذف به البحر وطفا عليه ; أسند
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
ابن عباس في قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة الآية . صيده ما
[ ص: 242 ] صيد وطعامه ما لفظ البحر ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مثله ; وهو قول جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين ، وروي عن
ابن عباس ميتته وهو في ذلك المعنى ، وروي عنه أنه قال : طعامه ما ملح منه وبقي ; وقاله معه جماعة ، وقال قوم : طعامه ملحه الذي ينعقد من مائه وسائر ما فيه من نبات وغيره .
الثالثة : قال
أبو حنيفة : لا يؤكل السمك الطافي ويؤكل ما سواه من السمك ، ولا يؤكل شيء من حيوان البحر إلا السمك وهو قول
الثوري في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11816أبي إسحاق الفزاري عنه ، وكره
الحسن nindex.php?page=treesubj&link=16894أكل الطافي من السمك . وروي عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كرهه ، وروي عنه أيضا أنه كره أكل الجري وروي عنه أكل ذلك كله وهو أصح ; ذكره
عبد الرزاق عن
الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد عن
علي قال : الجراد والحيتان ذكي ; فعلي مختلف عنه في أكل الطافي من السمك ولم يختلف عن
جابر أنه كرهه ، وهو قول
طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، واحتجوا بعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة ، وبما رواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839186كلوا ما حسر عنه البحر وما ألقاه وما وجدتموه ميتا أو طافيا فوق الماء فلا تأكلوه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : تفرد به
عبد العزيز بن عبيد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=17283وهب بن كيسان عن
جابر ،
وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يسنده عن
الثوري غير
nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري وخالفه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع والعدنيان ،
وعبد الرزاق ومؤمل وأبو عاصم وغيرهم ; رووه عن
الثوري موقوفا وهو الصواب ، وكذلك رواه
أيوب السختياني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ،
وزهير nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير موقوفا قال
أبو داود : وقد أسند هذا الحديث من وجه ضعيف عن
ابن أبي ذئب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : وروي عن
إسماعيل بن أمية nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير مرفوعا ، ولا يصح رفعه ، رفعه
يحيى بن سليم عن
إسماعيل بن أمية ووقفه غيره ، وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري في رواية
الأشجعي : يؤكل كل ما في البحر من السمك والدواب ، وسائر ما في البحر من الحيوان ، وسواء اصطيد أو وجد ميتا ، واحتج
مالك ومن تابعه بقوله عليه الصلاة والسلام في البحر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830683هو الطهور ماؤه الحل ميتته وأصح ما في هذا الباب من جهة الإسناد حديث
جابر في الحوت
[ ص: 243 ] الذي يقال له : ( العنبر ) وهو من أثبت الأحاديث خرجه الصحيحان ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830684فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال : هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله ; لفظ
مسلم وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
ابن عباس أنه قال أشهد على
أبي بكر أنه قال : السمكة الطافية حلال لمن أراد أكلها ، وأسند عنه أيضا أنه قال : أشهد على
أبي بكر أنه أكل السمك الطافي على الماء ، وأسند عن
أبي أيوب أنه ركب البحر في رهط من أصحابه ، فوجدوا سمكة طافية على الماء فسألوه عنها فقال : أطيبة هي لم تتغير ؟ قالوا : نعم قال : فكلوها وارفعوا نصيبي منها ; وكان صائما ، وأسند عن
جبلة بن عطية أن أصحاب
أبي طلحة أصابوا سمكة طافية فسألوا عنها
أبا طلحة فقال : أهدوها إلي ، وقال
عمر بن الخطاب : الحوت ذكي والجراد ذكي كله ; رواه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فهذه الآثار ترد قول من كره ذلك وتخصص عموم الآية ، وهو حجة للجمهور ; إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا كان يكره
nindex.php?page=treesubj&link=16896خنزير الماء من جهة اسمه ولم يحرمه وقال : أنتم تقولون خنزيرا ! وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا بأس بخنزير الماء وقال
الليث : ليس بميتة البحر بأس . قال : وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=16896كلب الماء وفرس الماء . قال : ولا يؤكل إنسان الماء ولا خنزير الماء .
الرابعة : اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=16829_16892الحيوان الذي يكون في البر والبحر هل يحل صيده للمحرم أم لا ؟ فقال
مالك وأبو مجلز nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وغيرهم : كل ما يعيش في البر وله فيه حياة فهو صيد البر ، إن قتله المحرم وداه ، وزاد
أبو مجلز في ذلك الضفادع والسلاحف والسرطان . الضفادع وأجناسها حرام عند
أبي حنيفة ولا خلاف عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=17058أكل الضفدع ، واختلف قوله فيما له شبه في البر مما لا يؤكل كالخنزير والكلب وغير ذلك ، والصحيح أكل ذلك كله ; لأنه نص على الخنزير في جواز أكله ، وهو له شبه في البر مما لا يؤكل ، ولا يؤكل عنده التمساح ولا القرش والدلفين ، وكل ما له ناب لنهيه عليه السلام عن أكل كل ذي ناب . قال
ابن عطية : ومن هذه أنواع لا زوال لها من الماء فهي لا محالة من صيد البحر ، وعلى هذا خرج جواب
مالك في الضفادع في " المدونة " فإنه قال : الضفادع من صيد البحر ، وروي عن
عطاء بن أبي رباح خلاف ما ذكرناه ، وهو أنه يراعى أكثر عيش الحيوان ; سئل عن ابن الماء أصيد بر هو أم صيد بحر ؟ فقال : حيث يكون أكثر فهو منه ، وحيث يفرخ فهو منه ; وهو قول
أبي حنيفة ، والصواب في ابن الماء أنه صيد بر يرعى ويأكل الحب . قال
ابن [ ص: 244 ] العربي : الصحيح في الحيوان الذي يكون في البر والبحر منعه ; لأنه تعارض فيه دليلان ، دليل تحليل ودليل تحريم ، فيغلب دليل التحريم احتياطا ، والله أعلم .
الخامسة : قوله تعالى : وللسيارة فيه قولان : أحدهما للمقيم والمسافر كما جاء في حديث
أبي عبيدة أنهم أكلوه وهم مسافرون وأكل النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقيم ، فبين الله تعالى أنه حلال لمن أقام ، كما أحله لمن سافر . الثاني : أن السيارة هم الذين يركبونه ، كما جاء في حديث
مالك nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830685أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا nindex.php?page=treesubj&link=443أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو الطهور ماؤه الحل ميتته قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي قاله علماؤنا : فلو قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( نعم ) لما جاز الوضوء به إلا عند خوف العطش ; لأن الجواب مرتبط بالسؤال ، فكان يكون محالا عليه ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ تأسيس القاعدة ، وبيان الشرع فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830683هو الطهور ماؤه الحل ميتته .
قلت : وكان يكون الجواب مقصورا عليهم لا يتعدى لغيرهم ، لولا ما تقرر من حكم الشريعة أن حكمه على الواحد حكمه على الجميع ، إلا ما نص بالتخصيص عليه ، كقوله
لأبي بردة في العناق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839190ضح بها ولن تجزئ عن أحد غيرك .
السادسة :
nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما الأولى : التحريم ليس صفة للأعيان ، إنما يتعلق بالأفعال فمعنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر أي : فعل الصيد ، وهو المنع من الاصطياد ، أو يكون الصيد بمعنى المصيد ، على معنى تسمية المفعول بالفعل كما تقدم ، وهو الأظهر لإجماع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له ، ولا يجوز له شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه ، ولا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك ; لعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ولحديث
الصعب بن جثامة على ما يأتي .
السابعة : اختلف العلماء فيما يأكله المحرم من الصيد فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما
وأحمد وروي عن
إسحاق ، وهو الصحيح عن
عثمان بن عفان : إنه
nindex.php?page=treesubj&link=3455_3452لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له ، ولا من أجله ، لما رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني عن
جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830686صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم قال
أبو عيسى : هذا أحسن حديث في الباب ; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث ، وإن
[ ص: 245 ] كان قد روى عنه
مالك . فإن
nindex.php?page=treesubj&link=3457_3453أكل من صيد صيد من أجله فداه ، وبه قال
الحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، واختلف قول
مالك فيما صيد لمحرم بعينه ، والمشهور من مذهبه عند أصحابه أن المحرم لا يأكل مما صيد لمحرم معين أو غير معين ولم يأخذ بقول
عثمان لأصحابه حين أتي بلحم صيد وهو محرم : كلوا فلستم مثلي لأنه صيد من أجلي ; وبه قالت طائفة من
أهل المدينة ، وروي عن
مالك ، وقال
أبو حنيفة وأصحابه : أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال ، سواء صيد من أجله أو لم يصد لظاهر قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم فحرم صيده وقتله على المحرمين ، دون ما صاده غيرهم . واحتجوا بحديث
البهزي - واسمه
زيد بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في حمار الوحش العقير أنه أمر
أبا بكر فقسمه في الرفاق ، من حديث
مالك وغيره . وبحديث
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=830687إنما هي طعمة أطعمكموها الله ، وهو قول
عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في رواية عنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وروي عن
علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنه لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال ، سواء صيد من أجله أو لم يصد ; لعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما . قال
ابن عباس : هي مبهمة وبه قال
طاوس nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد أبو الشعثاء وروي ذلك عن
الثوري وبه قال
إسحاق . واحتجوا بحديث
الصعب بن جثامة الليثي ، أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=830688أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا ، وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ; قال : فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم خرجه الأئمة واللفظ
لمالك . قال
أبو عمر : وروى
ابن عباس من حديث
سعيد بن جبير ومقسم nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس عنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=830689أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش ; وقال
سعيد بن جبير في حديثه : ( عجز حمار وحش فرده يقطر دما كأنه صيد في ذلك الوقت ) ; وقال
مقسم في حديثه : ( رجل حمار وحش ) . وقال
عطاء في حديثه : أهدى له عضد صيد فلم يقبله وقال : إنا حرم وقال
طاوس في حديثه : عضدا من لحم صيد ; حدث به
إسماعيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، عن
يحيى بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
الحسن بن مسلم ، عن
طاوس ، عن
ابن عباس ، إلا أن منهم من يجعله عن
ابن عباس عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم . قال
إسماعيل : سمعت
سليمان بن حرب يتأول هذا الحديث على أنه صيد من
[ ص: 246 ] أجل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولولا ذلك لكان أكله جائزا ; قال
سليمان : ومما يدل على أنه صيد من أجل النبي صلى الله عليه وسلم قولهم في الحديث : فرده يقطر دما كأنه صيد في ذلك الوقت . قال
إسماعيل : إنما تأول
سليمان هذا الحديث لأنه يحتاج إلى تأويل ; فأما رواية
مالك فلا تحتاج إلى التأويل ; لأن المحرم لا يجوز له أن يمسك صيدا حيا ولا يذكيه ; قال
إسماعيل : وعلى تأويل
سليمان بن حرب تكون الأحاديث المرفوعة كلها غير مختلفة فيها إن شاء الله تعالى .
الثامنة : إذا أحرم وبيده صيد أو في بيته عند أهله فقال
مالك : إن كان في يده فعليه إرساله ، وإن كان في أهله فليس عليه إرساله ، وهو قول
أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه : سواء كان في يده أو في بيته ليس عليه أن يرسله ، وبه قال
أبو ثور ، وروي عن
مجاهد وعبد الله بن الحارث مثله وروي عن
مالك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القول الآخر : عليه أن يرسله ، سواء كان في بيته أو في يده فإن لم يرسله ضمن ، وجه القول بإرساله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وهذا عام في الملك والتصرف كله ، ووجه القول بإمساكه : أنه معنى لا يمنع من ابتداء الإحرام فلا يمنع من استدامة ملكه ، أصله النكاح .
التاسعة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=17093صاده الحلال في الحل فأدخله الحرم جاز له التصرف فيه بكل نوع من ذبحه ، وأكل لحمه ، وقال
أبو حنيفة : لا يجوز . ودليلنا أنه معنى يفعل في الصيد فجاز في الحرم للحلال ، كالإمساك والشراء ولا خلاف فيها .
العاشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3446دل المحرم حلا على صيد فقتله الحلال اختلف فيه ، فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : لا شيء عليه ، وهو قول
ابن الماجشون ، وقال الكوفيون
وأحمد وإسحاق وجماعة من الصحابة والتابعين : عليه الجزاء ; لأن المحرم التزم بإحرامه ترك التعرض ; فيضمن بالدلالة كالمودع إذا دل سارقا على سرقة .
الحادية عشرة : واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=3446_3794المحرم إذا دل محرما آخر ; فذهب الكوفيون
وأشهب من أصحابنا إلى أن على كل واحد منهما جزاء ، وقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : الجزاء على المحرم القاتل ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا فعلق وجوب الجزاء بالقتل ، فدل على انتفائه بغيره ; ولأنه دال فلم يلزمه بدلالته غرم كما لو دل الحلال في الحرم على صيد في
[ ص: 247 ] الحرم ، وتعلق الكوفيون
وأشهب بقوله عليه السلام في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830690هل أشرتم أو أعنتم ؟ وهذا يدل على وجوب الجزاء ، والأول أصح ، والله أعلم .
الثانية عشرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=17157_3444_17091كانت شجرة نابتة في الحل وفرعها في الحرم فأصيب ما عليه من الصيد ففيه الجزاء ; لأنه أخذ في الحرم وإن كان أصلها في الحرم وفرعها في الحل فاختلف علماؤنا فيما أخذ عليه على قولين : الجزاء نظرا إلى الأصل ، ونفيه نظرا إلى الفرع .
الثالثة عشرة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96واتقوا الله الذي إليه تحشرون تشديد وتنبيه عقب هذا التحليل والتحريم ، ثم ذكر بأمر الحشر والقيامة مبالغة في التحذير ، والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
فِيهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً :
الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ هَذَا حُكْمٌ بِتَحْلِيلِ صَيْدِ الْبَحْرِ ، وَهُوَ كُلُّ مَا صِيدَ مِنْ حِيتَانِهِ وَالصَّيْدُ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْمَصِيدُ ، وَأُضِيفَ إِلَى الْبَحْرِ لَمَّا كَانَ مِنْهُ بِسَبَبٍ ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْبَحْرِ فِي " الْبَقَرَةِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَ ( مَتَاعًا ) نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ : مُتِّعْتُمْ بِهِ مَتَاعًا .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : وَ ( طَعَامُهُ ) الطَّعَامُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُطْعَمُ ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَطْعُومٍ خَاصٍّ كَالْمَاءِ وَحْدَهُ ، وَالْبُرِّ وَحْدَهُ ، وَالتَّمْرِ وَحْدَهُ ، وَاللَّبَنِ وَحْدَهُ ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى النَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ ; وَهُوَ هُنَا عِبَارَةٌ عَمَّا قَذَفَ بِهِ الْبَحْرُ وَطَفَا عَلَيْهِ ; أَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ الْآيَةَ . صَيْدُهُ مَا
[ ص: 242 ] صِيدَ وَطَعَامُهُ مَا لَفَظَ الْبَحْرُ ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ ; وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مَيْتَتُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : طَعَامُهُ مَا مُلِّحَ مِنْهُ وَبَقِيَ ; وَقَالَهُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقَالَ قَوْمٌ : طَعَامُهُ مِلْحُهُ الَّذِي يَنْعَقِدُ مِنْ مَائِهِ وَسَائِرِ مَا فِيهِ مِنْ نَبَاتٍ وَغَيْرِهِ .
الثَّالِثَةُ : قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُؤْكَلُ السَّمَكُ الطَّافِي وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ مِنَ السَّمَكِ ، وَلَا يُؤْكَلُ شَيْءٌ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكَ وَهُوَ قَوْلُ
الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11816أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْهُ ، وَكَرِهَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=treesubj&link=16894أَكْلَ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ . وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ الْجِرِّيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَكْلُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَهُوَ أَصَحُّ ; ذَكَرَهُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ
الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ : الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ ذَكِيٌّ ; فَعَلِيٌّ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
طَاوُسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ، وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ، وَبِمَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839186كُلُوا مَا حَسَرَ عَنْهُ الْبَحْرُ وَمَا أَلْقَاهُ وَمَا وَجَدْتُمُوهُ مَيِّتًا أَوْ طَافِيًا فَوْقَ الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلُوهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : تَفَرَّدَ بِهِ
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17283وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ
جَابِرٍ ،
وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ
الثَّوْرِيِّ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=11798أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ وَخَالَفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ وَالْعَدَنِيَّانِ ،
وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُؤَمَّلٌ وَأَبُو عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ ; رَوَوْهُ عَنِ
الثَّوْرِيِّ مَوْقُوفًا وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16524وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ ،
وَزُهَيْرٌ nindex.php?page=showalam&ids=15744وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْقُوفًا قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنِ
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : وَرُوِيَ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=12493وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ ، رَفَعَهُ
يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ ، وَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ
الْأَشْجَعِيِّ : يُؤْكَلُ كُلُّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنَ السَّمَكِ وَالدَّوَابِّ ، وَسَائِرُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَسَوَاءٌ اصْطِيدَ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا ، وَاحْتَجَّ
مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْبَحْرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830683هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ حَدِيثُ
جَابِرٍ فِي الْحُوتِ
[ ص: 243 ] الَّذِي يُقَالُ لَهُ : ( الْعَنْبَرُ ) وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ الْأَحَادِيثِ خَرَّجَهُ الصَّحِيحَانِ ، وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830684فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ ; لَفْظُ
مُسْلِمٍ وَأَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ : السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهَا ، وَأَسْنَدَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ أَكَلَ السَّمَكَ الطَّافِيَ عَلَى الْمَاءِ ، وَأَسْنَدَ عَنْ
أَبِي أَيُّوبٍ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَوَجَدُوا سَمَكَةً طَافِيَةً عَلَى الْمَاءِ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَقَالَ : أَطَيِّبَةٌ هِيَ لَمْ تَتَغَيَّرْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : فَكُلُوهَا وَارْفَعُوا نَصِيبِي مِنْهَا ; وَكَانَ صَائِمًا ، وَأَسْنَدَ عَنْ
جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ أَنَّ أَصْحَابَ
أَبِي طَلْحَةَ أَصَابُوا سَمَكَةً طَافِيَةً فَسَأَلُوا عَنْهَا
أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ : أَهْدُوهَا إِلَيَّ ، وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : الْحُوتُ ذَكِيٌّ وَالْجَرَادُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ ; رَوَاهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فَهَذِهِ الْآثَارُ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَتُخَصِّصُ عُمُومَ الْآيَةِ ، وَهُوَ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ ; إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16896خِنْزِيرَ الْمَاءِ مِنْ جِهَةِ اسْمِهِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ وَقَالَ : أَنْتُمْ تَقُولُونَ خِنْزِيرًا ! وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا بَأْسَ بِخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَقَالَ
اللَّيْثُ : لَيْسَ بِمَيْتَةِ الْبَحْرِ بَأْسٌ . قَالَ : وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=16896كَلْبُ الْمَاءِ وَفَرَسُ الْمَاءِ . قَالَ : وَلَا يُؤْكَلُ إِنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُ الْمَاءِ .
الرَّابِعَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16829_16892الْحَيَوَانِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ هَلْ يَحِلُّ صَيْدُهُ لِلْمُحْرِمِ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ
مَالِكٌ وَأَبُو مِجْلَزٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ : كُلُّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَلَهُ فِيهِ حَيَاةٌ فَهُوَ صَيْدُ الْبَرِّ ، إِنْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَدَاهُ ، وَزَادَ
أَبُو مِجْلَزٍ فِي ذَلِكَ الضَّفَادِعَ وَالسَّلَاحِفَ وَالسَّرَطَانَ . الضَّفَادِعُ وَأَجْنَاسُهَا حَرَامٌ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا خِلَافَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=17058أَكْلُ الضِّفْدَعِ ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَا لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَالصَّحِيحُ أَكْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ ; لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْخِنْزِيرِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ ، وَهُوَ لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ ، وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ التِّمْسَاحُ وَلَا الْقِرْشُ وَالدُّلْفِينُ ، وَكُلُّ مَا لَهُ نَابٌ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَمِنْ هَذِهِ أَنْوَاعٌ لَا زَوَالَ لَهَا مِنَ الْمَاءِ فَهِيَ لَا مَحَالَةَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ ، وَعَلَى هَذَا خُرِّجَ جَوَابُ
مَالِكٍ فِي الضَّفَادِعِ فِي " الْمُدَوَّنَةِ " فَإِنَّهُ قَالَ : الضَّفَادِعُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ ، وَرُوِيَ عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ خِلَافُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَهُوَ أَنَّهُ يُرَاعَى أَكْثَرُ عَيْشِ الْحَيَوَانِ ; سُئِلَ عَنِ ابْنِ الْمَاءِ أَصَيْدُ بَرٍّ هُوَ أَمْ صَيْدُ بَحْرٍ ؟ فَقَالَ : حَيْثُ يَكُونُ أَكْثَرَ فَهُوَ مِنْهُ ، وَحَيْثُ يُفَرِّخُ فَهُوَ مِنْهُ ; وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالصَّوَابُ فِي ابْنِ الْمَاءِ أَنَّهُ صَيْدُ بَرٍّ يَرْعَى وَيَأْكُلُ الْحَبَّ . قَالَ
ابْنُ [ ص: 244 ] الْعَرَبِيِّ : الصَّحِيحُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مَنْعُهُ ; لِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ دَلِيلَانِ ، دَلِيلُ تَحْلِيلٍ وَدَلِيلُ تَحْرِيمٍ ، فَيُغَلَّبُ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ احْتِيَاطًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلِلسَّيَّارَةِ فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُمْ أَكَلُوهُ وَهُمْ مُسَافِرُونَ وَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُقِيمٌ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ حَلَالٌ لِمَنْ أَقَامَ ، كَمَا أَحَلَّهُ لِمَنْ سَافَرَ . الثَّانِي : أَنَّ السَّيَّارَةَ هُمُ الذِينَ يَرْكَبُونَهُ ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830685أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا nindex.php?page=treesubj&link=443أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا : فَلَوْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَعَمْ ) لَمَا جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ إِلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْعَطَشِ ; لِأَنَّ الْجَوَابَ مُرْتَبِطٌ بِالسُّؤَالِ ، فَكَانَ يَكُونُ مُحَالًا عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَأَ تَأْسِيسَ الْقَاعِدَةِ ، وَبَيَانَ الشَّرْعِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830683هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ .
قُلْتُ : وَكَانَ يَكُونُ الْجَوَابُ مَقْصُورًا عَلَيْهِمْ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِمْ ، لَوْلَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ حُكْمَهُ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمُهُ عَلَى الْجَمِيعِ ، إِلَّا مَا نُصَّ بِالتَّخْصِيصِ عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ
لِأَبِي بُرْدَةَ فِي الْعَنَاقِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839190ضَحِّ بِهَا وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِكَ .
السَّادِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا الْأُولَى : التَّحْرِيمُ لَيْسَ صِفَةً لِلْأَعْيَانِ ، إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ أَيْ : فِعْلُ الصَّيْدِ ، وَهُوَ الْمَنْعُ مِنِ الِاصْطِيَادِ ، أَوْ يَكُونُ الصَّيْدُ بِمَعْنَى الْمَصِيدِ ، عَلَى مَعْنَى تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَبُولُ صَيْدٍ وُهِبَ لَهُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَا اصْطِيَادُهُ وَلَا اسْتِحْدَاثُ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ ; لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَلِحَدِيثِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ عَلَى مَا يَأْتِي .
السَّابِعَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا
وَأَحْمَدُ وَرُوِيَ عَنْ
إِسْحَاقَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : إِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=3455_3452لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ ، وَلَا مِنْ أَجْلِهِ ، لِمَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ
جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830686صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ قَالَ
أَبُو عِيسَى : هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ ; وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ :
nindex.php?page=showalam&ids=16698عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ ، وَإِنْ
[ ص: 245 ] كَانَ قَدْ رَوَى عَنْهُ
مَالِكٌ . فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3457_3453أَكَلَ مِنْ صَيْدٍ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ فَدَاهُ ، وَبِهِ قَالَ
الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ
مَالِكٍ فِيمَا صِيدَ لِمُحْرِمٍ بِعَيْنِهِ ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا صِيدَ لِمُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ
عُثْمَانَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ : كُلُوا فَلَسْتُمْ مِثْلِي لِأَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِي ; وَبِهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : أَكْلُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا اصْطَادَهُ الْحَلَالُ ، سَوَاءٌ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ لَمْ يُصَدْ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ فَحُرِّمَ صَيْدُهُ وَقَتْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِينَ ، دُونَ مَا صَادَهُ غَيْرُهُمْ . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
الْبَهْزِيِّ - وَاسْمُهُ
زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ الْعَقِيرِ أَنَّهُ أَمَرَ
أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ فِي الرِّفَاقِ ، مِنْ حَدِيثِ
مَالِكٍ وَغَيْرِهِ . وَبِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=830687إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ صَيْدٍ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، سَوَاءٌ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ لَمْ يُصَدْ ; لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ مُبْهَمَةٌ وَبِهِ قَالَ
طَاوُسٌ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ
إِسْحَاقُ . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ ، أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=830688أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا ، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَ : فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي وَجْهِي قَالَ : إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ خَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ وَاللَّفْظُ
لِمَالِكٍ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمِقْسَمٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ عَنْهُ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=830689أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمَ حِمَارِ وَحْشٍ ; وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ : ( عَجُزَ حِمَارٍ وَحْشٍ فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا كَأَنَّهُ صِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ) ; وَقَالَ
مِقْسَمٌ فِي حَدِيثِهِ : ( رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ ) . وَقَالَ
عَطَاءٌ فِي حَدِيثِهِ : أَهْدَى لَهُ عَضُدَ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ : إِنَّا حُرُمٌ وَقَالَ
طَاوُسٌ فِي حَدِيثِهِ : عَضُدًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ ; حَدَّثَ بِهِ
إِسْمَاعِيلُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ
طَاوُسٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=68زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ . قَالَ
إِسْمَاعِيلُ : سَمِعْتُ
سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ
[ ص: 246 ] أَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ أَكْلُهُ جَائِزًا ; قَالَ
سُلَيْمَانُ : وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ : فَرَدَّهُ يَقْطُرُ دَمًا كَأَنَّهُ صِيدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ . قَالَ
إِسْمَاعِيلُ : إِنَّمَا تَأَوَّلَ
سُلَيْمَانُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ ; فَأَمَّا رِوَايَةُ
مَالِكٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيلِ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ صَيْدًا حَيًّا وَلَا يُذَكِّيَهُ ; قَالَ
إِسْمَاعِيلُ : وَعَلَى تَأْوِيلِ
سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ تَكُونُ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ كُلُّهَا غَيْرَ مُخْتَلَفَةٍ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الثَّامِنَةُ : إِذَا أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ أَوْ فِي بَيْتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ فَقَالَ
مَالِكٌ : إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ ، وَبِهِ قَالَ
أَبُو ثَوْرٍ ، وَرُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ : عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ ، سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ ضَمِنَ ، وَجْهُ الْقَوْلِ بِإِرْسَالِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ كُلِّهِ ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِإِمْسَاكِهِ : أَنَّهُ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فَلَا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَةِ مِلْكِهِ ، أَصْلُهُ النِّكَاحُ .
التَّاسِعَةُ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=17093صَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ ذَبْحِهِ ، وَأَكْلِ لَحْمِهِ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ . وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ مَعْنًى يُفْعَلُ فِي الصَّيْدِ فَجَازَ فِي الْحَرَمِ لِلْحَلَالِ ، كَالْإِمْسَاكِ وَالشِّرَاءِ وَلَا خِلَافَ فِيهَا .
الْعَاشِرَةُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3446دَلَّ الْمُحْرِمُ حِلًّا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ الْحَلَالُ اخْتُلِفَ فِيهِ ، فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ
وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ : عَلَيْهِ الْجَزَاءُ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ الْتَزَمَ بِإِحْرَامِهِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ ; فَيَضْمَنُ بِالدَّلَالَةِ كَالْمُودَعِ إِذَا دَلَّ سَارِقًا عَلَى سَرِقَةٍ .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3446_3794الْمُحْرِمِ إِذَا دَلَّ مُحْرِمًا آخَرَ ; فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ
وَأَشْهَبُ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءً ، وَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ : الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْقَاتِلِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَعَلَّقَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ بِالْقَتْلِ ، فَدَلَّ عَلَى انْتِفَائِهِ بِغَيْرِهِ ; وَلِأَنَّهُ دَالٌّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِدَلَالَتِهِ غُرْمٌ كَمَا لَوْ دَلَّ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي
[ ص: 247 ] الْحَرَمِ ، وَتَعَلَّقَ الْكُوفِيُّونَ
وَأَشْهَبُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبِي قَتَادَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830690هَلْ أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ ؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=17157_3444_17091كَانَتْ شَجَرَةٌ نَابِتَةً فِي الْحِلِّ وَفَرْعُهَا فِي الْحَرَمِ فَأُصِيبَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّيْدِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ ; لِأَنَّهُ أُخِذَ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَفَرْعُهَا فِي الْحِلِّ فَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَا أُخِذَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلَيْنِ : الْجَزَاءُ نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ ، وَنَفْيُهُ نَظَرًا إِلَى الْفَرْعِ .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ تَشْدِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَقِبَ هَذَا التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ ، ثُمَّ ذَكَّرَ بِأَمْرِ الْحَشْرِ وَالْقِيَامَةِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .