قوله تعالى : قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا الأصل عند يا الله ، والميمان [ ص: 283 ] بدل من " يا " . ربنا نداء ثان لا يجيز سيبويه غيره ولا يجوز أن يكون نعتا ; لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه . سيبويه أنزل علينا مائدة المائدة الخوان الذي عليه الطعام ; قال قطرب : لا تكون المائدة مائدة حتى يكون عليها طعام ، فإن لم يكن قيل : خوان وهي فاعلة من ماد عبده إذا أطعمه وأعطاه ; فالمائدة تميد ما عليها أي : تعطي ، ومنه قول رؤبة - أنشده الأخفش :
تهدي رءوس المترفين الأنداد إلى أمير المؤمنين الممتاد
أي المستعطى المسئول ; فالمائدة هي المطعمة والمعطية الآكلين الطعام ، ويسمى الطعام أيضا مائدة تجوزا ; لأنه يؤكل على المائدة ; كقولهم للمطر سماء ، وقال أهل الكوفة : سميت مائدة لحركتها بما عليها ; من قولهم : ماد الشيء إذا مال وتحرك قال الشاعر :لعلك باك إن تغنت حمامة يميد بها غصن من الأيك مائل
وأقلقني قتل الكناني بعده فكادت بي الأرض الفضاء تميد
وقرأ الأعمش " تكن " على الجواب ; والمعنى : يكون يوم نزولها عيدا لأولنا أي : لأول أمتنا وآخرها ; فقيل : إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية ; فلذلك جعلوا الأحد عيدا ، والعيد واحد الأعياد ; وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد ; ويقال : للفرق بينه وبين أعواد الخشب وقد عيدوا أي : شهدوا العيد ; قاله الجوهري ، وقيل : أصله من عاد يعود أي : رجع فهو عود بالواو ، فقلبت ياء لانكسار ما قبلها مثل الميزان والميقات والميعاد فقيل ليوم الفطر والأضحى : عيدا لأنهما يعودان كل سنة . وقال الخليل : العيد كل يوم يجمع كأنهم عادوا إليه ، وقال ابن الأنباري : سمي عيدا للعود في المرح والفرح ; فهو يوم [ ص: 284 ] سرور الخلق كلهم ; ألا ترى أن المسجونين في ذلك اليوم لا يطالبون ولا يعاقبون ; ولا يصاد الوحش ولا الطيور ; ولا تنفذ الصبيان إلى المكاتب ، وقيل : سمي عيدا لأن كل إنسان يعود إلى قدر منزلته ; ألا ترى إلى اختلاف ملابسهم وهيئاتهم ومآكلهم فمنهم من يضيف ومنهم من يضاف ، ومنهم من يرحم ومنهم من يرحم ، وقيل : سمي بذلك لأنه يوم شريف تشبيها بالعيد : وهو فحل كريم مشهور عند العرب وينسبون إليه ، فيقال : إبل عيدية ; قال ( رذاذ الكلبي ) :
ظلت تجوب بها البلدان ناجية عيدية أرهنت فيها الدنانير