الثانية والثلاثون : غير المغضوب عليهم ولا الضالين  
اختلف في المغضوب عليهم  و الضالين  من هم ؟ فالجمهور أن المغضوب عليهم اليهود  ، والضالين النصارى    ; وجاء ذلك مفسرا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم  وقصة إسلامه ، أخرجه  أبو داود الطيالسي  في مسنده ،  والترمذي  في جامعه . وشهد لهذا التفسير أيضا قوله سبحانه في اليهود    : وباءوا بغضب من الله    . وقال : وغضب الله عليهم  وقال في النصارى    : قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل    . وقيل : المغضوب عليهم المشركون . و الضالين المنافقون . 
وقيل : المغضوب عليهم هو من أسقط فرض هذه السورة في الصلاة ; و الضالين عن بركة قراءتها . حكاه السلمي  في حقائقه  والماوردي  في تفسيره ; وليس بشيء . قال  الماوردي    : وهذا وجه مردود ، لأن ما تعارضت فيه الأخبار وتقابلت فيه الآثار وانتشر فيه الخلاف ، لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم . وقيل : المغضوب عليهم باتباع البدع ; و الضالين عن سنن الهدى . 
قلت : وهذا حسن ; وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى وأحسن . و ( عليهم ) في موضع رفع ، لأن المعنى غضب عليهم . والغضب في اللغة الشدة . ورجل غضوب أي شديد الخلق . والغضوب : الحية الخبيثة لشدتها . والغضبة : الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض ; سميت بذلك لشدتها . ومعنى الغضب في صفة الله تعالى إرادة العقوبة  ، فهو صفة ذات ، وإرادة الله تعالى من صفات ذاته    ; أو نفس العقوبة ، ومنه الحديث : إن الصدقة لتطفئ غضب الرب فهو صفة فعل . 
				
						
						
