قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض ( ما ) صلة ، والمراد المنافقون ; أي إذا حضروا الرسول وهو يتلو قرآنا أنزل فيه فضيحتهم أو فضيحة أحد منهم جعل ينظر بعضهم إلى بعض نظر الرعب على جهة التقرير ; يقول : هل يراكم من أحد إذا تكلمتم
[ ص: 216 ] بهذا فينقله إلى
محمد ; وذلك جهل منهم بنبوته عليه السلام ، وأن الله يطلعه على ما يشاء من غيبه . وقيل إن ( نظر ) في هذه الآية بمعنى أنبأ . وحكى
الطبري عن بعضهم أنه قال : ( نظر ) في هذه الآية موضع قال .
قوله تعالى ثم ( انصرفوا ) أي انصرفوا عن طريق الاهتداء . وذلك أنهم حينما بين لهم كشف أسرارهم والإعلام بمغيبات أمورهم يقع لهم لا محالة تعجب وتوقف ونظر ، فلو اهتدوا لكان ذلك الوقت مظنة لإيمانهم ; فهم إذ يصممون على الكفر ويرتبكون فيه كأنهم انصرفوا عن تلك الحال التي كانت مظنة النظر الصحيح والاهتداء ، ولم يسمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سماع من يتدبره وينظر في آياته ;
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=24أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها .
nindex.php?page=treesubj&link=28980قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127صرف الله قلوبهم فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127صرف الله قلوبهم دعاء عليهم ; أي قولوا لهم هذا . ويجوز أن يكون خبرا عن صرفها عن الخير مجازاة على فعلهم . وهي كلمة يدعى بها ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله والباء في قوله : ( بأنهم ) صلة ل ( صرف ) .
الثانية : قال
ابن عباس : يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة ; لأن قوما انصرفوا فصرف الله قلوبهم ، ولكن قولوا قضينا الصلاة ; أسنده
الطبري عنه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا فيه نظر وما أظنه بصحيح فإن نظام الكلام أن يقال : لا يقل أحد انصرفنا من الصلاة ; فإن قوما قيل فيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم . أخبرنا
محمد بن عبد الملك القيسي الواعظ حدثنا
أبو الفضل الجوهري سماعا منه يقول : كنا في جنازة فقال
المنذر بها : انصرفوا رحمكم الله فقال : لا يقل أحد انصرفوا فإن الله تعالى قال في قوم ذمهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ولكن قولوا : انقلبوا رحمكم الله فإن الله تعالى قال في قوم مدحهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء .
الثالثة : أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30498صارف القلوب ومصرفها وقالبها ومقلبها ; ردا على
القدرية في اعتقادهم أن قلوب الخلق بأيديهم ، وجوارحهم بحكمهم ، يتصرفون بمشيئتهم ويحكمون بإراداتهم واختيارهم ; ولذلك قال
مالك فيما رواه عنه
أشهب : ما
[ ص: 217 ] أبين هذا في الرد على
القدرية nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم . وقوله عز وجل
لنوح :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فهذا لا يكون أبدا ولا يرجع ولا يزول .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ( مَا ) صِلَةٌ ، وَالْمُرَادُ الْمُنَافِقُونَ ; أَيْ إِذَا حَضَرُوا الرَّسُولَ وَهُوَ يَتْلُو قُرْآنًا أُنْزِلَ فِيهِ فَضِيحَتُهُمْ أَوْ فَضِيحَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ جَعَلَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ نَظَرَ الرُّعْبِ عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ ; يَقُولُ : هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِذَا تَكَلَّمْتُمْ
[ ص: 216 ] بِهَذَا فَيَنْقُلُهُ إِلَى
مُحَمَّدٍ ; وَذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُمْ بِنُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّ اللَّهَ يُطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْبِهِ . وَقِيلَ إِنَّ ( نَظَرَ ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى أَنْبَأَ . وَحَكَى
الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ : ( نَظَرَ ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَوْضِعُ قَالَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ ( انْصَرَفُوا ) أَيِ انْصَرَفُوا عَنْ طَرِيقِ الِاهْتِدَاءِ . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَمَا بَيَّنَ لَهُمْ كَشْفَ أَسْرَارِهِمْ وَالْإِعْلَامَ بِمُغَيَّبَاتِ أُمُورِهِمْ يَقَعُ لَهُمْ لَا مَحَالَةَ تَعَجُّبٌ وَتَوَقُّفٌ وَنَظَرٌ ، فَلَوِ اهْتَدَوْا لَكَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مَظِنَّةً لِإِيمَانِهِمْ ; فَهُمْ إِذْ يُصَمِّمُونَ عَلَى الْكُفْرِ وَيَرْتَبِكُونَ فِيهِ كَأَنَّهُمُ انْصَرَفُوا عَنْ تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ مَظِنَّةَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ وَالِاهْتِدَاءِ ، وَلَمْ يَسْمَعُوا قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَاعَ مَنْ يَتَدَبَّرُهُ وَيَنْظُرُ فِي آيَاتِهِ ;
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=24أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28980قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ ; أَيْ قُولُوا لَهُمْ هَذَا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ صَرْفِهَا عَنِ الْخَيْرِ مُجَازَاةً عَلَى فِعْلِهِمْ . وَهِيَ كَلِمَةٌ يُدْعَى بِهَا ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ : ( بِأَنَّهُمْ ) صِلَةٌ لِ ( صَرَفَ ) .
الثَّانِيَةُ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا فَصَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ، وَلَكِنْ قُولُوا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ ; أَسْنَدَهُ
الطَّبَرِيُّ عَنْهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَمَا أَظُنُّهُ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ نِظَامَ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ : لَا يَقُلْ أَحَدٌ انْصَرَفْنَا مِنَ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ قَوْمًا قِيلَ فِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ . أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَيْسِيُّ الْوَاعِظُ حَدَّثَنَا
أَبُو الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيُّ سَمَاعًا مِنْهُ يَقُولُ : كُنَّا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ
الْمُنْذِرُ بِهَا : انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَقَالَ : لَا يَقُلْ أَحَدٌ انْصَرِفُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي قَوْمٍ ذَمَّهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَلَكِنْ قُولُوا : انْقَلِبُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي قَوْمٍ مَدَحَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=174فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ .
الثَّالِثَةُ : أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30498صَارِفُ الْقُلُوبِ وَمُصَرِّفُهَا وَقَالِبُهَا وَمُقَلِّبُهَا ; رَدًّا عَلَى
الْقَدَرِيَّةِ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ قُلُوبَ الْخَلْقِ بِأَيْدِيهِمْ ، وَجَوَارِحَهُمْ بِحُكْمِهِمْ ، يَتَصَرَّفُونَ بِمَشِيئَتِهِمْ وَيَحْكُمُونَ بِإِرَادَاتِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ ; وَلِذَلِكَ قَالَ
مَالِكٌ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ
أَشْهَبُ : مَا
[ ص: 217 ] أَبْيَنَ هَذَا فِي الرَّدِّ عَلَى
الْقَدَرِيَّةِ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=110لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ . وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ
لِنُوحٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَهَذَا لَا يَكُونُ أَبَدًا وَلَا يَرْجِعُ وَلَا يَزُولُ .