قوله تعالى : إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قوله تعالى : إذ قال يوسف إذ في موضع نصب على الظرف ; أي اذكر لهم حين قال يوسف . وقراءة العامة بضم السين . وقرأ طلحة بن مصرف " يؤسف " بالهمزة وكسر السين . وحكى أبو زيد : " يؤسف " بالهمزة وفتح السين . ولم ينصرف لأنه أعجمي ; وقيل : هو عربي .
[ ص: 107 ] وسئل أبو الحسن الأقطع - وكان حكيما - عن " يوسف " فقال : الأسف في اللغة الحزن ; والأسيف العبد ، وقد اجتمعا في يوسف ; فلذلك سمي يوسف .
" لأبيه يا أبت " بكسر التاء قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع وحمزة ، وهي عند البصريين علامة التأنيث أدخلت على الأب في النداء خاصة بدلا من ياء الإضافة ، وقد تدخل علامة التأنيث على المذكر فيقال : رجل نكحة وهزأة ; قال والكسائي النحاس : إذا قلت يا أبت بكسر التاء فالتاء عند بدل من ياء الإضافة ; ولا يجوز على قوله الوقف إلا بالهاء ، وله على قوله دلائل : منها - أن قولك : " يا أبه " يؤدي عن معنى " يا أبي " ; وأنه لا يقال : يا أبت إلا في المعرفة ; ولا يقال : جاءني أبت ، ولا تستعمل العرب هذا إلا في النداء خاصة ، ولا يقال : " يا أبتي " لأن التاء بدل من الياء فلا يجمع بينهما . وزعم سيبويه الفراء أنه إذا قال : " يا أبت " فكسر دل على الياء لا غير ; لأن الياء في النية . وزعم أبو إسحاق أن هذا خطأ ، والحق ما قال ، كيف تكون الياء في النية وليس يقال : " يا أبتي " ؟ وقرأ أبو جعفر والأعرج " يا أبت " بفتح التاء ; قال البصريون : أرادوا " يا أبتي " بالياء ، ثم أبدلت الياء ألفا فصارت " يا أبتا " فحذفت الألف وبقيت الفتحة على التاء . وقيل : الأصل الكسر ، ثم أبدل من الكسرة فتحة ، كما يبدل من الياء ألف فيقال : يا غلاما أقبل . وأجاز وعبد الله بن عامر الفراء " يا أبت " بضم التاء .
إني رأيت أحد عشر كوكبا ليس بين النحويين اختلاف أنه يقال : جاءني أحد عشر ، ورأيت ومررت بأحد عشر ، وكذلك ثلاثة عشر وتسعة عشر وما بينهما ; جعلوا الاسمين اسما واحدا وأعربوهما بأخف الحركات . قال السهيلي : أسماء هذه الكواكب جاء ذكرها مسندا ; رواه الحارث بن أبي أسامة قال : أهل الكتاب - فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأحد عشر كوكبا الذي رأى يوسف فقال : ( الحرثان والطارق والذيال وقابس والمصبح والضروح وذو الكنفات وذو القرع والفليق ووثاب والعمودان ; رآها يوسف - عليه السلام - تسجد له ) . قال جاء بستانة - وهو رجل من ابن عباس وقتادة : الكواكب إخوته ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . وقال قتادة أيضا : الشمس خالته ، لأن أمه كانت قد ماتت ، وكانت خالته تحت أبيه .
" رأيتهم " توكيد . وقال : رأيتهم لي ساجدين فجاء مذكرا ; فالقول عند الخليل أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل . وقد تقدم هذا المعنى في قوله : وتراهم ينظرون إليك . والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزلته ، وإن كان خارجا عن الأصل . وسيبويه
[ ص: 108 ]