الأولى : قوله تعالى : أضغاث أحلام قال الفراء : ويجوز أضغاث أحلام قال النحاس : النصب بعيد ، لأن المعنى : لم تر شيئا له تأويل ، إنما هي أضغاث أحلام ، أي أخلاط . وواحد الأضغاث ضغث ، يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث ; قال الشاعر :
كضغث حلم غر منه حالمه
وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين قال الزجاج : المعنى بتأويل الأحلام المختلطة ، نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له ، لا أنهم نفوا عن أنفسهم علم التأويل . وقيل : نفوا عن أنفسهم علم التعبير . والأضغاث على هذا الجماعات من الرؤيا التي منها صحيحة ومنها باطلة ، ولهذا قال الساقي : أنا أنبئكم بتأويله فعلم أن القوم عجزوا عن التأويل ، لا أنهم ادعوا ألا تأويل لها . وقيل : إنهم لم يقصدوا تفسيرا ، وإنما أرادوا محوها من صدر الملك حتى لا تشغل باله ، وعلى هذا أيضا فعندهم علم . والأحلام جمع حلم ، والحلم بالضم ما يراه النائم ، تقول منه حلم بالفتح واحتلم ، وتقول : حلمت ، بكذا وحلمته ، قال :
فحلمتها وبنو رفيدة دونها لا يبعدن خيالها المحلوم
أصله الأناة ، ومنه الحلم ضد الطيش ; فقيل لما يرى في النوم حلم لأن النوم حالة أناة وسكون ودعة .
الثانية : وفي الآية دليل على بطلان قول من يقول : إن الرؤيا على أول ما تعبر ، لأن القوم قالوا : أضغاث أحلام ولم تقع كذلك ; فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب ، فكان كما عبر ; وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر ، فإذا عبرت وقعت .