قوله تعالى : قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم   فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : قال بل سولت  أي زينت . 
" لكم أنفسكم " أن ابني سرق وما سرق ، وإنما ذلك لأمر يريده الله 
فصبر جميل  أي فشأني صبر جميل أو صبر جميل أولى بي على ما تقدم أول السورة . 
الواجب على كل مسلم إذا أصيب بمكروه في نفسه أو ولده أو ماله أن يتلقى ذلك بالصبر الجميل ، والرضا والتسليم لمجريه عليه وهو العليم الحكيم ، ويقتدي بنبي الله يعقوب  وسائر النبيين - صلوات الله عليهم أجمعين - . وقال  سعيد بن أبي عروبة  عن قتادة  عن الحسن  قال : ما من جرعتين يتجرعهما العبد أحب إلى الله من جرعة مصيبة يتجرعها العبد بحسن صبر وحسن عزاء ، وجرعة غيظ يتجرعها العبد بحلم وعفو   . وقال  ابن جريج  عن مجاهد  في قوله تعالى : فصبر جميل  أي لا أشكو ذلك إلى أحد   . وروى مقاتل بن سليمان  عن عطاء بن أبي رباح  عن  أبي هريرة  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من بث لم يصبر   . وقد تقدم في " البقرة " أن الصبر عند أول الصدمة ، وثواب من ذكر مصيبته واسترجع وإن تقادم عهدها . وقال جويبر  عن الضحاك  عن ابن عباس  قال : إن يعقوب  أعطي على يوسف  أجر مائة شهيد ، وكذلك من احتسب من هذه الأمة في مصيبته فله مثل أجر يعقوب    - عليه السلام   - . 
 [ ص: 216 ] قوله تعالى : عسى الله أن يأتيني بهم جميعا  لأنه كان عنده أن يوسف    - صلى الله عليه وسلم - لم يمت ، وإنما غاب عنه خبره ; لأن يوسف  حمل وهو عبد لا يملك لنفسه شيئا ، ثم اشتراه الملك فكان في داره لا يظهر للناس ، ثم حبس ، فلما تمكن احتال في أن يعلم أبوه خبره ; ولم يوجه برسول لأنه كره من إخوته أن يعرفوا ذلك فلا يدعوا الرسول يصل إليه وقال : " بهم " لأنهم ثلاثة ; يوسف  وأخوه ، والمتخلف من أجل أخيه ، وهو القائل : فلن أبرح الأرض    . " إنه هو العليم " بحالي ، " الحكيم " فيما يقضي . 
				
						
						
