قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى هذا رد على القائلين :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لولا أنزل عليه ملك أي أرسلنا رجالا ليس فيهم امرأة ولا جني ولا ملك ; وهذا يرد ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
إن في النساء أربع نبيات حواء وآسية وأم موسى ومريم . وقد تقدم في " آل عمران " شيء من هذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109من أهل القرى يريد المدائن ; ولم
[ ص: 240 ] يبعث الله نبيا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة على أهل البدو ; ولأن أهل الأمصار أعقل وأحلم وأفضل وأعلم . قال
الحسن : لم يبعث الله نبيا من أهل البادية قط ، ولا من النساء ، ولا من الجن . وقال
قتادة :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109من أهل القرى أي من أهل الأمصار ; لأنهم أعلم وأحلم . وقال العلماء : من
nindex.php?page=treesubj&link=31791_31778شرط الرسول أن يكون رجلا آدميا مدنيا ; وإنما قالوا آدميا تحرزا ; من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6يعوذون برجال من الجن والله أعلم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109أفلم يسيروا في الأرض فينظروا إلى مصارع الأمم المكذبة لأنبيائهم فيعتبروا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109ولدار الآخرة خير للذين اتقوا ابتداء وخبره . وزعم
الفراء أن الدار هي الآخرة ; وأضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظ ، كيوم الخميس ، وبارحة الأولى ; قال الشاعر :
ولو أقوت عليك ديار عبس عرفت الذل عرفان اليقين
أي عرفانا يقينا ; واحتج
الكسائي بقولهم : صلاة الأولى ; واحتج
الأخفش بمسجد الجامع . قال
النحاس : إضافة الشيء إلى نفسه محال ; لأنه إنما يضاف الشيء إلى غيره ليتعرف به ; والأجود الصلاة الأولى ، ومن قال صلاة الأولى فمعناه : عند صلاة الفريضة الأولى ; وإنما سميت الأولى لأنها أول ما صلي حين فرضت الصلاة ، وأول ما أظهر ; فلذلك قيل لها أيضا الظهر . والتقدير : ولدار الحال الآخرة خير ، وهذا قول البصريين ; والمراد بهذه الدار الجنة ; أي هي خير للمتقين . وقرئ : " وللدار الآخرة " . وقرأ
نافع وعاصم ويعقوب وغيرهم " أفلا تعقلون " بالتاء على الخطاب . الباقون بالياء على الخبر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حتى إذا استيأس الرسل تقدم القراءة فيه ومعناه .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110وظنوا أنهم قد كذبوا هذه الآية فيها تنزيه الأنبياء وعصمتهم عما لا يليق بهم . وهذا الباب عظيم ، وخطره جسيم ، ينبغي الوقوف عليه لئلا يزل الإنسان فيكون في سواء الجحيم . المعنى : وما أرسلنا قبلك يا
محمد إلا رجالا ثم لم نعاقب أممهم بالعذاب .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حتى إذا استيأس الرسل أي يئسوا من إيمان قومهم . " وظنوا أنهم قد كذبوا " بالتشديد ; أي أيقنوا أن قومهم كذبوهم . وقيل المعنى : حسبوا أن من آمن بهم من قومهم كذبوهم ، لا أن القوم كذبوا ، ولكن الأنبياء ظنوا وحسبوا أنهم يكذبونهم ; أي خافوا أن يدخل قلوب أتباعهم شك ; فيكون وظنوا على بابه في هذا التأويل . وقرأ
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو جعفر بن القعقاع [ ص: 241 ] والحسن وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء العطاردي وعاصم وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ويحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وخلف " كذبوا " بالتخفيف ; أي ظن القوم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروا به من العذاب ، ولم يصدقوا . وقيل : المعنى ظن الأمم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من نصرهم . وفي رواية عن
ابن عباس ; ظن الرسل أن الله أخلف ما وعدهم . وقيل : لم تصح هذه الرواية ; لأنه لا يظن بالرسل هذا الظن ، ومن ظن هذا الظن لا يستحق النصر ; فكيف قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جاءهم نصرنا ؟ ! قال
nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر : ولا يبعد إن صحت الرواية أن المراد خطر بقلوب الرسل هذا من غير أن يتحققوه في نفوسهم ; وفي الخبر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835317إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم ينطق به لسان أو تعمل به . ويجوز أن يقال : قربوا من ذلك الظن ; كقولك : بلغت المنزل ، أي قربت منه . وذكر
الثعلبي والنحاس عن
ابن عباس قال : كانوا بشرا فضعفوا من طول البلاء ، ونسوا وظنوا أنهم أخلفوا ; ثم تلا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم : وجهه عندنا أن الرسل كانت تخاف بعد ما وعد الله النصر ، لا من تهمة لوعد الله ، ولكن لتهمة النفوس أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط والعهد الذي عهد إليهم ; فكانت إذا طالت عليهم المدة دخلهم الإياس والظنون من هذا الوجه . وقال
المهدوي عن
ابن عباس : ظنت الرسل أنهم قد أخلفوا على ما يلحق البشر ; واستشهد بقول
إبراهيم - عليه السلام - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260رب أرني كيف تحي الموتى الآية . والقراءة الأولى أولى . وقرأ
مجاهد وحميد - " قد كذبوا " بفتح الكاف والذال مخففا ; على معنى : وظن قوم الرسل أن الرسل قد كذبوا ، لما رأوا من تفضل الله - عز وجل - في تأخير العذاب . ويجوز أن يكون المعنى : ولما أيقن الرسل أن قومهم قد كذبوا على الله بكفرهم جاء الرسل نصرنا . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عروة عن
عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حتى إذا استيئس الرسل قال قلت : أكذبوا أم كذبوا ؟ قالت
عائشة : كذبوا . قلت : فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن ؟ قالت : أجل ! لعمري ! لقد استيقنوا بذلك ; فقلت لها :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110وظنوا أنهم قد كذبوا قالت : معاذ الله ! لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم ، فطال عليهم البلاء ، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن
[ ص: 242 ] كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا عند ذلك . وفي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جاءهم نصرنا قولان : أحدهما : جاء الرسل نصر الله ; قال
مجاهد . الثاني : جاء قومهم عذاب الله ; قاله
ابن عباس .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فنجي من نشاء قيل : الأنبياء ومن آمن معهم . وروي عن
عاصم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فنجي من نشاء بنون واحدة مفتوحة الياء ، و " من " في موضع رفع ، اسم ما لم يسم فاعله ; واختار
أبو عبيد هذه القراءة لأنها في مصحف
عثمان ، وسائر مصاحف البلدان بنون واحدة . وقرأ
ابن محيصن " فنجا " فعل ماض ، و " من " في موضع رفع لأنه الفاعل ، وعلى قراءة الباقين نصبا على المفعول .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110ولا يرد بأسنا أي عذابنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110عن القوم المجرمين أي الكافرين المشركين .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى هَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَائِلِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ أَيْ أَرْسَلْنَا رِجَالًا لَيْسَ فِيهِمُ امْرَأَةٌ وَلَا جِنِّيٌّ وَلَا مَلَكٌ ; وَهَذَا يَرُدُّ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
إِنَّ فِي النِّسَاءِ أَرْبَعُ نَبِيَّاتٍ حَوَّاءُ وَآسِيَةُ وَأُمُّ مُوسَى وَمَرْيَمُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " آلِ عِمْرَانَ " شَيْءٌ مِنْ هَذَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109مِنْ أَهْلِ الْقُرَى يُرِيدُ الْمَدَائِنَ ; وَلَمْ
[ ص: 240 ] يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِغَلَبَةِ الْجَفَاءِ وَالْقَسْوَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَدْوِ ; وَلِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ أَعْقَلُ وَأَحْلَمُ وَأَفْضَلُ وَأَعْلَمُ . قَالَ
الْحَسَنُ : لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ قَطُّ ، وَلَا مِنَ النِّسَاءِ ، وَلَا مِنَ الْجِنِّ . وَقَالَ
قَتَادَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَيْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ ; لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ وَأَحْلَمُ . وَقَالَ الْعُلَمَاءُ : مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=31791_31778شَرْطِ الرَّسُولِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا آدَمِيًّا مَدَنِيًّا ; وَإِنَّمَا قَالُوا آدَمِيًّا تَحَرُّزًا ; مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا إِلَى مَصَارِعِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِأَنْبِيَائِهِمْ فَيَعْتَبِرُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ . وَزَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ الدَّارَ هِيَ الْآخِرَةُ ; وَأُضِيفَ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ ، كَيَوْمِ الْخَمِيسِ ، وَبَارِحَةِ الْأُولَى ; قَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَوْ أَقْوَتْ عَلَيْكَ دِيَارُ عَبْسٍ عَرَفْتَ الذُّلَّ عِرْفَانَ الْيَقِينِ
أَيْ عِرْفَانًا يَقِينًا ; وَاحْتَجَّ
الْكِسَائِيُّ بِقَوْلِهِمْ : صَلَاةُ الْأُولَى ; وَاحْتَجَّ
الْأَخْفَشُ بِمَسْجِدِ الْجَامِعِ . قَالَ
النَّحَّاسُ : إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ مُحَالٌ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى غَيْرِهِ لِيَتَعَرَّفَ بِهِ ; وَالْأَجْوَدُ الصَّلَاةُ الْأُولَى ، وَمَنْ قَالَ صَلَاةُ الْأُولَى فَمَعْنَاهُ : عِنْدَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى ; وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْأُولَى لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا صُلِّيَ حِينَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ ، وَأَوَّلُ مَا أُظْهِرَ ; فَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا أَيْضًا الظُّهْرُ . وَالتَّقْدِيرُ : وَلَدَارُ الْحَالِ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ، وَهَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ ; وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الدَّارِ الْجَنَّةُ ; أَيْ هِيَ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَقُرِئَ : " وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ " . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ وَغَيْرُهُمْ " أَفَلَا تَعْقِلُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ . الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ تَقَدَّمَ الْقِرَاءَةُ فِيهِ وَمَعْنَاهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا هَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَنْزِيهُ الْأَنْبِيَاءِ وَعِصْمَتُهُمْ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِمْ . وَهَذَا الْبَابُ عَظِيمٌ ، وَخَطَرُهُ جَسِيمٌ ، يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَزِلَّ الْإِنْسَانُ فَيَكُونُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ . الْمَعْنَى : وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ يَا
مُحَمَّدُ إِلَّا رِجَالًا ثُمَّ لَمْ نُعَاقِبْ أُمَمَهُمْ بِالْعَذَابِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ أَيْ يَئِسُوا مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِمْ . " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا " بِالتَّشْدِيدِ ; أَيْ أَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ . وَقِيلَ الْمَعْنَى : حَسِبُوا أَنَّ مَنْ آمَنَ بِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ كَذَّبُوهُمْ ، لَا أَنَّ الْقَوْمَ كَذَّبُوا ، وَلَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ ظَنُّوا وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ ; أَيْ خَافُوا أَنْ يَدْخُلَ قُلُوبَ أَتْبَاعِهِمْ شَكٌّ ; فَيَكُونُ وَظَنُّوا عَلَى بَابِهِ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=12067وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ [ ص: 241 ] وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَخَلَفٌ " كُذِبُوا " بِالتَّخْفِيفِ ; أَيْ ظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ الرُّسُلَ كَذَبُوهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ ، وَلَمْ يَصْدُقُوا . وَقِيلَ : الْمَعْنَى ظَنَّ الْأُمَمُ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا فِيمَا وَعَدُوا بِهِ مِنْ نَصْرِهِمْ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ; ظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّ اللَّهَ أَخْلَفَ مَا وَعَدَهُمْ . وَقِيلَ : لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ; لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِالرُّسُلِ هَذَا الظَّنُّ ، وَمَنْ ظَنَّ هَذَا الظَّنَّ لَا يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ ; فَكَيْفَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ؟ ! قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12851الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ : وَلَا يَبْعُدُ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ أَنَّ الْمُرَادَ خَطَرَ بِقُلُوبِ الرُّسُلِ هَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَقَّقُوهُ فِي نُفُوسِهِمْ ; وَفِي الْخَبَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835317إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِسَانٌ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : قَرُبُوا مِنْ ذَلِكَ الظَّنِّ ; كَقَوْلِكَ : بَلَغْتُ الْمَنْزِلَ ، أَيْ قَرُبْتُ مِنْهُ . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ وَالنَّحَّاسُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانُوا بَشَرًا فَضَعُفُوا مِنْ طُولِ الْبَلَاءِ ، وَنَسُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُخْلِفُوا ; ثُمَّ تَلَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ : وَجْهُهُ عِنْدَنَا أَنَّ الرُّسُلَ كَانَتْ تَخَافُ بُعْدَ مَا وَعَدَ اللَّهُ النَّصْرَ ، لَا مِنْ تُهْمَةٍ لِوَعْدِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ لِتُهْمَةِ النُّفُوسِ أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحْدَثَتْ حَدَثًا يَنْقُضُ ذَلِكَ الشَّرْطَ وَالْعَهْدَ الَّذِي عُهِدَ إِلَيْهِمْ ; فَكَانَتْ إِذَا طَالَتْ عَلَيْهِمُ الْمُدَّةُ دَخَلَهُمُ الْإِيَاسُ وَالظُّنُونُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ . وَقَالَ
الْمَهْدَوِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : ظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ قَدْ أُخْلِفُوا عَلَى مَا يَلْحَقُ الْبَشَرَ ; وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى الْآيَةَ . وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَوْلَى . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ - " قَدْ كَذَبُوا " بِفَتْحِ الْكَافِ وَالذَّالِ مُخَفَّفًا ; عَلَى مَعْنَى : وَظَنَّ قَوْمُ الرُّسُلِ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا ، لِمَا رَأَوْا مِنْ تَفَضُّلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي تَأْخِيرِ الْعَذَابِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَلَمَّا أَيْقَنَ الرُّسُلُ أَنَّ قَوْمَهُمْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بِكُفْرِهِمْ جَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُنَا . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ قَالَ قُلْتُ : أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا ؟ قَالَتْ
عَائِشَةُ : كُذِبُوا . قُلْتُ : فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ ؟ قَالَتْ : أَجَلَّ ! لَعَمْرِي ! لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ ; فَقُلْتُ لَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قَالَتْ : مَعَاذَ اللَّهِ ! لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا . قُلْتُ : فَمَا هَذِهِ الْآيَةُ ؟ قَالَتْ : هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرَ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ
[ ص: 242 ] كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا عِنْدَ ذَلِكَ . وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جَاءَهُمْ نَصْرُنَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : جَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُ اللَّهِ ; قَالَ
مُجَاهِدٌ . الثَّانِي : جَاءَ قَوْمَهُمْ عَذَابُ اللَّهِ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ قِيلَ : الْأَنْبِيَاءُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمْ . وَرُوِيَ عَنْ
عَاصِمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مَفْتُوحَةِ الْيَاءِ ، وَ " مَنْ " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ، اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ; وَاخْتَارَ
أَبُو عُبَيْدٍ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهَا فِي مُصْحَفِ
عُثْمَانَ ، وَسَائِرِ مَصَاحِفَ الْبُلْدَانِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ " فَنَجَا " فِعْلٌ مَاضٍ ، وَ " مَنْ " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ نَصَبًا عَلَى الْمَفْعُولِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا أَيْ عَذَابُنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أَيِ الْكَافِرِينَ الْمُشْرِكِينَ .