قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال
فيه ثمان مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8الله يعلم ما تحمل كل أنثى أي من ذكر وأنثى ، صبيح وقبيح ، صالح وطالح ; وقد تقدم في سورة " الأنعام " أن الله سبحانه منفرد بعلم الغيب وحده لا شريك
[ ص: 250 ] له ; وذكرنا هناك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835320مفاتيح الغيب خمس الحديث .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835321وفيه لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله .
واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=28984تأويل قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وما تغيض الأرحام وما تزداد فقال
قتادة : المعنى ما تسقط قبل التسعة الأشهر ، وما تزداد فوق التسعة ; وكذلك قال
ابن عباس . وقال
مجاهد : إذا حاضت المرأة في حملها كان ذلك نقصانا في ولدها ; فإن زادت على التسعة كان تماما لما نقص ; وعنه : الغيض ما تنقصه الأرحام من الدم ، والزيادة ما تزداد منه . وقيل : الغيض والزيادة . يرجعان إلى الولد ، كنقصان إصبع أو غيرها ، وزيادة إصبع أو غيرها . وقيل : الغيض انقطاع دم الحيض . " وما تزداد " بدم النفاس بعد الوضع .
الثانية : في هذه الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=660الحامل تحيض ; وهو مذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه . وقال
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وغيرهما : لا تحيض ; وبه قال
أبو حنيفة ; ودليله الآية . قال
ابن عباس في تأويلها : إنه حيض الحبالى ، وكذلك روي عن
عكرمة ومجاهد ; وهو قول
عائشة ، وأنها كانت تفتي النساء الحوامل إذا حضن أن يتركن الصلاة ; والصحابة إذ ذاك متوافرون ، ولم ينكر منهم أحد عليها ، فصار كالإجماع ; قاله
ابن القصار . وذكر أن رجلين ، تنازعا ولدا ، فترافعا إلى
عمر - رضي الله عنه - فعرضه على القافة ، فألحقه القافة بهما ، فعلاه
عمر بالدرة ، وسأل نسوة من
قريش فقال : انظرن ما شأن هذا الولد ؟ فقلن : إن الأول خلا بها وخلاها ، فحاضت على الحمل ، فظنت أن عدتها انقضت ; فدخل بها الثاني ، فانتعش الولد بماء الثاني ; فقال
عمر : الله أكبر ! وألحقه بالأول ، ولم يقل إن الحامل لا تحيض ، ولا قال ذلك أحد من الصحابة ; فدل أنه إجماع ، والله أعلم . واحتج المخالف بأن قال لو كانت الحامل تحيض ، وكان ما تراه المرأة من الدم حيضا لما صح استبراء الأمة بحيض ; وهو إجماع وروي عن
مالك في كتاب
محمد ما يقتضي أنه ليس بحيض .
الثالثة : في هذه الآية دليل على أن الحامل قد تضع حملها لأقل من تسعة أشهر وأكثر ، وأجمع العلماء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=24212أقل الحمل ستة أشهر ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر .
الرابعة : وهذه الستة الأشهر هي بالأهلة كسائر أشهر الشريعة ; ولذلك قد روي في المذهب عن بعض أصحاب
مالك ، وأظنه في كتاب
ابن حارث أنه إن نقص عن الأشهر الستة ثلاثة أيام فإن الولد يلحق لعلة نقص الأشهر وزيادتها ; حكاه
ابن عطية .
[ ص: 251 ] الخامسة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=24213أكثر الحمل ; فروى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
جميلة بنت سعد عن
عائشة قالت : يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحول ظل المغزل ; ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . وقالت
جميلة بنت سعد - أخت عبيد بن سعد ، وعن
الليث بن سعد - إن أكثره ثلاث سنين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أربع سنين ; وروي عن
مالك في إحدى روايتيه ، والمشهور عنه خمس سنين ; وروي عنه لا حد له ، ولو زاد على العشرة الأعوام ; وهي الرواية الثالثة عنه . وعن
الزهري ست وسبع . قال
أبو عمر : ومن الصحابة من يجعله إلى سبع ;
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : مدة الغاية منها أربع سنين . والكوفيون يقولون : سنتان لا غير .
ومحمد بن عبد الحكم يقول : سنة لا أكثر .
وداود يقول : تسعة أشهر ، لا يكون عنده حمل أكثر منها . قال
أبو عمر : وهذه مسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد ، والرد إلى ما عرف من أمر النساء وبالله التوفيق . روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك بن أنس إني حدثت عن
عائشة أنها قالت : لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل ، فقال : سبحان الله ! من يقول هذا ؟ ! هذه جارتنا امرأة
محمد بن عجلان ، تحمل وتضع في أربع سنين ، امرأة صدق ، وزوجها رجل صدق ; حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة ، تحمل كل بطن أربع سنين . وذكره عن
المبارك بن مجاهد قال : مشهور عندنا كانت امرأة
محمد بن عجلان تحمل وتضع في أربع سنين ، وكانت تسمى حاملة الفيل . وروى أيضا قال : بينما
مالك بن دينار يوما جالس إذ جاءه رجل فقال : يا
أبا يحيى ! ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد ; فغضب
مالك وأطبق المصحف ثم قال : ما يرى هؤلاء القوم إلا أنا أنبياء ! ثم قرأ ، ثم دعا ، ثم قال : اللهم هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجه عنها الساعة ، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاما ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب ، ورفع
مالك يده ، ورفع الناس أيديهم ، وجاء الرسول إلى الرجل فقال : أدرك امرأتك ، فذهب الرجل ، فما حط
مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط ، ابن أربع سنين ، قد استوت أسنانه ، ما قطعت سراره ; وروي أيضا أن رجلا جاء إلى
عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ! إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى ; فشاور
عمر الناس في رجمها ، فقال
معاذ بن جبل : يا أمير المؤمنين ! إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل ; فاتركها حتى تضع ، فتركها ، فوضعت غلاما قد خرجت ثنيتاه ; فعرف الرجل الشبه فقال : ابني ورب الكعبة ! ; فقال
[ ص: 252 ] عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل
معاذ ; لولا
معاذ لهلك
عمر . وقال
الضحاك : وضعتني أمي وقد حملت بي في بطنها سنتين ، فولدتني وقد خرجت سني . ويذكر عن
مالك أنه حمل به في بطن أمه سنتين ، وقيل : ثلاث سنين . ويقال : إن
محمد بن عجلان مكث في بطن أمه ثلاث سنين ، فماتت به وهو يضطرب اضطرابا شديدا ، فشق بطنها وأخرج وقد نبتت أسنانه . وقال
حماد بن سلمة : إنما سمي
هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين . وذكر
الغزنوي أن
الضحاك ولد لسنتين ، وقد طلعت سنه فسمي ضحاكا . وقال
عباد بن العوام : ولدت جارة لنا لأربع سنين غلاما شعره إلى منكبيه ، فمر به طير فقال : كش .
السادسة : قال
ابن خويز منداد : أقل الحيض والنفاس وأكثره وأقل الحمل وأكثره مأخوذ من طريق الاجتهاد ; لأن علم ذلك استأثر الله به ، فلا يجوز أن يحكم في شيء منه إلا بقدر ما أظهره لنا ، ووجد ظاهرا في النساء نادرا أو معتادا ; ولما وجدنا امرأة قد حملت أربع سنين وخمس سنين حكمنا بذلك ، والنفاس والحيض لما لم نجد فيه أمرا مستقرأ رجعنا فيه إلى ما يوجد في النادر منهن .
السابعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : نقل بعض المتساهلين من المالكيين أن أكثر الحمل تسعة أشهر ; وهذا ما لم ينطق به قط إلا مالكي ، وهم الطبائعيون الذين يزعمون أن مدبر الحمل في الرحم الكواكب السبعة ; تأخذه شهرا شهرا ، ويكون الشهر الرابع منها للشمس ; ولذلك يتحرك ويضطرب ، وإذا تكامل التداول في السبعة الأشهر بين الكواكب السبعة عاد في الشهر الثامن إلى زحل ، فيبقله ببرده ; فيا ليتني تمكنت من مناظرتهم أو مقاتلتهم ! ما بال المرجع بعد تمام الدور يكون إلى زحل دون غيره ؟ الله أخبركم بهذا أم على الله تفترون ؟ ! وإذا جاز أن يعود إلى اثنين منها لم لا يجوز أن يعود التدبير إلى ثلاث أو أربع ، أو يعود إلى جميعها مرتين أو ثلاثا ؟ ! ما هذا التحكم بالظنون الباطلة على الأمور الباطنة ! .
الثامنة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وكل شيء عنده بمقدار يعني من النقصان والزيادة . ويقال : بمقدار قدر خروج الولد من بطن أمه ، وقدر مكثه في بطنها إلى خروجه . وقال
قتادة : في الرزق والأجل . والمقدار القدر ; وعموم الآية يتناول كل ذلك ، والله سبحانه أعلم .
[ ص: 253 ] قلت : هذه الآية تمدح الله سبحانه وتعالى بها بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=9عالم الغيب والشهادة
أي هو عالم بما غاب عن الخلق ، وبما شهدوه . فالغيب مصدر بمعنى الغائب . والشهادة مصدر بمعنى الشاهد ; فنبه سبحانه على انفراده بعلم الغيب ، والإحاطة بالباطن الذي يخفى على الخلق ، فلا يجوز أن يشاركه في ذلك أحد ; فأما أهل الطب الذين يستدلون بالأمارات والعلامات فإن قطعوا بذلك فهو كفر ، وإن قالوا إنها تجربة تركوا وما هم عليه ، ولم يقدح ذلك في الممدوح ; فإن العادة يجوز انكسارها ، والعلم لا يجوز تبدله . و " الكبير " الذي كل شيء دونه . " المتعال " عما يقول المشركون ، المستعلي على كل شيء بقدرته وقهره ; وقد ذكرناهما في شرح الأسماء مستوفى ، والحمد لله .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ
فِيهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى أَيْ مِنْ ذِكْرِ وَأُنْثَى ، صَبِيحٍ وَقَبِيحٍ ، صَالِحٍ وَطَالِحٍ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ " الْأَنْعَامِ " أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُنْفَرِدٌ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
[ ص: 250 ] لَهُ ; وَذَكَرْنَا هُنَاكَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835320مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ الْحَدِيثَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835321وَفِيهِ لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ .
واخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28984تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ فَقَالَ
قَتَادَةُ : الْمَعْنَى مَا تَسْقُطُ قَبْلَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ ، وَمَا تَزْدَادُ فَوْقَ التِّسْعَةِ ; وَكَذَلِكَ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا كَانَ ذَلِكَ نُقْصَانًا فِي وَلَدِهَا ; فَإِنْ زَادَتْ عَلَى التِّسْعَةِ كَانَ تَمَامًا لِمَا نَقَصَ ; وَعَنْهُ : الْغَيْضُ مَا تُنْقِصُهُ الْأَرْحَامُ مِنَ الدَّمِ ، وَالزِّيَادَةُ مَا تَزْدَادُ مِنْهُ . وَقِيلَ : الْغَيْضُ وَالزِّيَادَةُ . يَرْجِعَانِ إِلَى الْوَلَدِ ، كَنُقْصَانِ إِصْبَعٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَزِيَادَةِ إِصْبَعٍ أَوْ غَيْرِهَا . وَقِيلَ : الْغَيْضُ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ . " وَمَا تَزْدَادُ " بِدَمِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْوَضْعِ .
الثَّانِيَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=660الْحَامِلَ تَحِيضُ ; وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ . وَقَالَ
عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا : لَا تَحِيضُ ; وَبِهِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ; وَدَلِيلُهُ الْآيَةُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَأْوِيلِهَا : إِنَّهُ حَيْضُ الْحَبَالَى ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ ; وَهُوَ قَوْلُ
عَائِشَةَ ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي النِّسَاءَ الْحَوَامِلَ إِذَا حِضْنَ أَنْ يَتْرُكْنَ الصَّلَاةَ ; وَالصَّحَابَةُ إِذْ ذَاكَ مُتَوَافِرُونَ ، وَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهَا ، فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ ; قَالَهُ
ابْنُ الْقَصَّارِ . وَذُكِرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ ، تَنَازَعَا وَلَدًا ، فَتَرَافَعَا إِلَى
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَرَضَهُ عَلَى الْقَافَةِ ، فَأَلْحَقَهُ الْقَافَةُ بِهِمَا ، فَعَلَاهُ
عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ، وَسَأَلَ نِسْوَةً مِنْ
قُرَيْشٍ فَقَالَ : انْظُرْنَ مَا شَأْنُ هَذَا الْوَلَدِ ؟ فَقُلْنَ : إِنَّ الْأَوَّلَ خَلَا بِهَا وَخَلَّاهَا ، فَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ ، فَظَنَّتْ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ ; فَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ، فَانْتَعَشَ الْوَلَدُ بِمَاءِ الثَّانِي ; فَقَالَ
عُمَرُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ! وَأَلْحَقَهُ بِالْأَوَّلِ ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ ، وَلَا قَالَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ; فَدَلَّ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِأَنْ قَالَ لَوْ كَانَتِ الْحَامِلُ تَحِيضُ ، وَكَانَ مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الدَّمِ حَيْضًا لَمَا صَحَّ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ بِحَيْضٍ ; وَهُوَ إِجْمَاعٌ وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ .
الثَّالِثَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَضَعُ حَمْلَهَا لِأَقَلِّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرَ ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24212أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ .
الرَّابِعَةُ : وَهَذِهِ السِّتَّةُ الْأَشْهُرُ هِيَ بِالْأَهِلَّةِ كَسَائِرِ أَشْهُرِ الشَّرِيعَةِ ; وَلِذَلِكَ قَدْ رُوِيَ فِي الْمَذْهَبِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ
مَالِكٍ ، وَأَظُنُّهُ فِي كِتَابِ
ابْنِ حَارِثٍ أَنَّهُ إِنْ نَقَصَ عَنِ الْأَشْهُرِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ لِعِلَّةِ نَقْصِ الْأَشْهُرِ وَزِيَادَتِهَا ; حَكَاهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ .
[ ص: 251 ] الْخَامِسَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24213أَكْثَرِ الْحَمْلِ ; فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
جَمِيلَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : يَكُونُ الْحَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ الْمِغْزَلِ ; ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ . وَقَالَتْ
جَمِيلَةُ بِنْتُ سَعْدٍ - أُخْتُ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ ، وَعَنِ
اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ - إِنَّ أَكْثَرَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَرْبَعُ سِنِينَ ; وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ خَمْسُ سِنِينَ ; وَرُوِيَ عَنْهُ لَا حَدَّ لَهُ ، وَلَوْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ ; وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْهُ . وَعَنِ
الزُّهْرِيِّ سِتٌّ وَسَبْعٌ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَمِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ يَجْعَلُهُ إِلَى سَبْعٍ ;
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : مُدَّةُ الْغَايَةِ مِنْهَا أَرْبَعُ سِنِينَ . وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ : سَنَتَانِ لَا غَيْرَ .
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ : سَنَةٌ لَا أَكْثَرَ .
وَدَاوُدُ يَقُولُ : تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ، لَا يَكُونُ عِنْدَهُ حَمْلٌ أَكْثَرَ مِنْهَا . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا إِلَّا الِاجْتِهَادُ ، وَالرَّدُّ إِلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إِنِّي حُدِّثْتُ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ الْمِغْزَلِ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَنْ يَقُولُ هَذَا ؟ ! هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ ، تَحْمِلُ وَتَضَعُ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ ، امْرَأَةُ صِدْقٍ ، وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ ; حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةٍ ، تَحْمِلُ كُلَّ بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ . وَذَكَرَهُ عَنِ
الْمُبَارَكِ بْنِ مُجَاهِدٍ قَالَ : مَشْهُورٌ عِنْدَنَا كَانَتِ امْرَأَةُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ تَحْمِلُ وَتَضَعُ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ تُسَمَّى حَامِلَةُ الْفِيلِ . وَرَوَى أَيْضًا قَالَ : بَيْنَمَا
مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَوْمًا جَالِسٌ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا
أَبَا يَحْيَى ! ادْعُ لِامْرَأَةٍ حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدْ أَصْبَحَتْ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ ; فَغَضِبَ
مَالِكٌ وَأَطْبَقَ الْمُصْحَفَ ثُمَّ قَالَ : مَا يَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ إِلَّا أَنَّا أَنْبِيَاءُ ! ثُمَّ قَرَأَ ، ثُمَّ دَعَا ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا رِيحٌ فَأَخْرِجْهُ عَنْهَا السَّاعَةَ ، وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا جَارِيَةً فَأَبْدِلْهَا بِهَا غُلَامًا ، فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ ، وَرَفَعَ
مَالِكٌ يَدَهُ ، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ ، وَجَاءَ الرَّسُولُ إِلَى الرَّجُلِ فَقَالَ : أَدْرِكِ امْرَأَتَكَ ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ ، فَمَا حَطَّ
مَالِكٌ يَدَهُ حَتَّى طَلَعَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَى رَقَبَتِهِ غُلَامٌ جَعْدٌ قَطَطٌ ، ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ ، قَدِ اسْتَوَتْ أَسْنَانُهُ ، مَا قُطِعَتْ سِرَارُهُ ; وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! إِنِّي غِبْتُ عَنِ امْرَأَتِي سَنَتَيْنِ فَجِئْتُ وَهِيَ حُبْلَى ; فَشَاوَرَ
عُمَرُ النَّاسَ فِي رَجْمِهَا ، فَقَالَ
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! إِنْ كَانَ لَكَ عَلَيْهَا سَبِيلٌ فَلَيْسَ لَكَ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا سَبِيلٌ ; فَاتْرُكْهَا حَتَّى تَضَعَ ، فَتَرَكَهَا ، فَوَضَعَتْ غُلَامًا قَدْ خَرَجَتْ ثَنِيَّتَاهُ ; فَعَرَفَ الرَّجُلُ الشَّبَهَ فَقَالَ : ابْنِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ! ; فَقَالَ
[ ص: 252 ] عُمَرُ : عَجَزَتِ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ
مُعَاذٍ ; لَوْلَا
مُعَاذٌ لَهَلَكَ
عُمَرُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : وَضَعْتِنِي أُمِّي وَقَدْ حَمَلَتْ بِي فِي بَطْنِهَا سَنَتَيْنِ ، فَوَلَدَتْنِي وَقَدْ خَرَجَتْ سِنِّي . وَيُذْكَرُ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ حُمِلَ بِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَنَتَيْنِ ، وَقِيلَ : ثَلَاثَ سِنِينَ . وَيُقَالُ : إِنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ مَكَثَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثَلَاثَ سِنِينَ ، فَمَاتَتْ بِهِ وَهُوَ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا ، فَشُقَّ بَطْنُهَا وَأُخْرِجَ وَقَدْ نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ . وَقَالَ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ : إِنَّمَا سُمِّيَ
هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ هَرِمًا لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعَ سِنِينَ . وَذَكَرَ
الْغَزْنَوِيُّ أَنَّ
الضَّحَّاكَ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ ، وَقَدْ طَلَعَتْ سِنُّهُ فَسُمِّيَ ضَحَّاكًا . وَقَالَ
عَبَّادُ بْنُ الْعَوَامِّ : وَلَدَتْ جَارَةٌ لَنَا لِأَرْبَعِ سِنِينَ غُلَامًا شَعْرُهُ إِلَى مَنْكِبَيْهِ ، فَمَرَّ بِهِ طَيْرٌ فَقَالَ : كَشَّ .
السَّادِسَةُ : قَالَ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ : أَقَلُّ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَكْثَرُهُ وَأَقَلُّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا أَظْهَرُهُ لَنَا ، وَوُجِدَ ظَاهِرًا فِي النِّسَاءِ نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا ; وَلَمَّا وَجَدْنَا امْرَأَةً قَدْ حَمَلَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَخَمْسَ سِنِينَ حَكَمْنَا بِذَلِكَ ، وَالنِّفَاسُ وَالْحَيْضُ لَمَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ أَمْرًا مُسْتَقْرَأً رَجَعْنَا فِيهِ إِلَى مَا يُوجَدُ فِي النَّادِرِ مِنْهُنَّ .
السَّابِعَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : نَقَلَ بَعْضُ الْمُتَسَاهِلِينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَمْلِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ; وَهَذَا مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ قَطُّ إِلَّا مَالِكِيٌّ ، وَهُمُ الطَّبَائِعِيُّونَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُدَبِّرَ الْحَمْلِ فِي الرَّحِمِ الْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ ; تَأْخُذُهُ شَهْرًا شَهْرًا ، وَيَكُونُ الشَّهْرُ الرَّابِعُ مِنْهَا لِلشَّمْسِ ; وَلِذَلِكَ يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ ، وَإِذَا تَكَامَلَ التَّدَاوُلُ فِي السَّبْعَةِ الْأَشْهُرِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ عَادَ فِي الشَّهْرِ الثَّامِنِ إِلَى زُحَلَ ، فَيُبْقِلُهُ بِبَرْدِهِ ; فَيَا لَيْتَنِي تَمَكَّنْتُ مِنْ مُنَاظَرَتِهِمْ أَوْ مُقَاتَلَتِهِمْ ! مَا بَالُ الْمَرْجِعِ بَعْدَ تَمَامِ الدَّوْرِ يَكُونُ إِلَى زُحَلَ دُونَ غَيْرِهِ ؟ اللَّهُ أَخْبَرَكُمْ بِهَذَا أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ؟ ! وَإِذَا جَازَ أَنْ يَعُودَ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ التَّدْبِيرُ إِلَى ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ ، أَوْ يَعُودُ إِلَى جَمِيعِهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ؟ ! مَا هَذَا التَّحَكُّمُ بِالظُّنُونِ الْبَاطِلَةِ عَلَى الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ ! .
الثَّامِنَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ يَعْنِي مِنَ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ . وَيُقَالُ : بِمِقْدَارِ قَدْرِ خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ، وَقَدْرِ مُكْثِهِ فِي بَطْنِهَا إِلَى خُرُوجِهِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : فِي الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ . وَالْمِقْدَارُ الْقَدْرُ ; وَعُمُومُ الْآيَةِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 253 ] قُلْتُ : هَذِهِ الْآيَةُ تَمَدَّحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=9عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنِ الْخَلْقِ ، وَبِمَا شَهِدُوهُ . فَالْغَيْبُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْغَائِبِ . وَالشَّهَادَةُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الشَّاهِدِ ; فَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ بِعِلْمِ الْغَيْبِ ، وَالْإِحَاطَةِ بِالْبَاطِنِ الَّذِي يَخْفَى عَلَى الْخَلْقِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ ; فَأَمَّا أَهْلُ الطِّبِّ الَّذِينَ يَسْتَدِلُّونَ بِالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ فَإِنْ قَطَعُوا بِذَلِكَ فَهُوَ كُفْرٌ ، وَإِنْ قَالُوا إِنَّهَا تَجْرِبَةٌ تُرِكُوا وَمَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي الْمَمْدُوحِ ; فَإِنَّ الْعَادَةَ يَجُوزُ انْكِسَارُهَا ، وَالْعِلْمُ لَا يَجُوزُ تَبَدُّلُهُ . وَ " الْكَبِيرُ " الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ دُونَهُ . " الْمُتَعَالِ " عَمَّا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ ، الْمُسْتَعْلِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ ; وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ مُسْتَوْفًى ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .