[ ص: 296 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد nindex.php?page=treesubj&link=28985قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض أي ملكا وعبيدا واختراعا وخلقا . وقرأ
نافع وابن عامر وغيرهما : " الله " بالرفع على الابتداء الذي خبره . وقيل : الذي صفة ، والخبر مضمر ; أي الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على كل شيء . الباقون بالخفض نعتا للعزيز الحميد فقدم النعت على المنعوت ; كقولك : مررت بالظريف زيد . وقيل : على البدل من الحميد وليس صفة ; لأن اسم الله صار كالعلم فلا يوصف ; كما لا يوصف بزيد وعمرو ، بل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى ; لأن معناه أنه المنفرد بقدرة الإيجاد . وقال
أبو عمرو : والخفض على التقديم والتأخير ، مجازه : إلى صراط الله العزيز الحميد الذي له ما في السماوات وما في الأرض . وكان
يعقوب إذا وقف على الحميد رفع ، وإذا وصل خفض على النعت . قال
ابن الأنباري : من خفض وقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وما في الأرض .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وويل للكافرين من عذاب شديد قد تقدم معنى الويل في " البقرة " وقال
الزجاج : هي كلمة تقال للعذاب والهلكة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2من عذاب شديد أي من جهنم .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله أي يختارونها على الآخرة ، والكافرون يفعلون ذلك . ف " الذين في موضع خفض صفة لهم . وقيل : في موضع رفع خبر ابتداء مضمر ، أي هم الذين ، وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون مبتدأ وخبره " أولئك " وكل من آثر الدنيا وزهرتها ، واستحب البقاء في نعيمها على النعيم في الآخرة ، وصد عن سبيل الله - أي صرف الناس عنه وهو دين الله ، الذي جاءت به الرسل ، في قول
ابن عباس وغيره - فهو داخل في هذه الآية ; وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835334إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون وهو حديث صحيح . وما أكثر ما هم في هذه
[ ص: 297 ] الأزمان ، والله المستعان . وقيل : يستحبون أي يلتمسون الدنيا من غير وجهها ; لأن نعمة الله لا تلتمس إلا بطاعته دون معصيته .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويبغونها عوجا أي يطلبون لها زيغا وميلا لموافقة أهوائهم ، وقضاء حاجاتهم وأغراضهم . والسبيل تذكر وتؤنث . والعوج بكسر العين في الدين والأمر والأرض وفي كل ما لم يكن قائما ; وبفتح العين في كل ما كان قائما ، كالحائط والرمح ونحوه ; وقد تقدم في " آل عمران " وغيرها .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أولئك في ضلال بعيد أي : ذهاب عن الحق بعيد عنه .
[ ص: 296 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ nindex.php?page=treesubj&link=28985قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَيْ مُلْكًا وَعَبِيدًا وَاخْتِرَاعًا وَخَلْقًا . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَغَيْرُهُمَا : " اللَّهُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الَّذِي خَبَرُهُ . وَقِيلَ : الَّذِي صِفَةٌ ، وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ ; أَيِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ . الْبَاقُونَ بِالْخَفْضِ نَعْتًا لِلْعَزِيزِ الْحَمِيدِ فَقَدَّمَ النَّعْتَ عَلَى الْمَنْعُوتِ ; كَقَوْلِكَ : مَرَرْتُ بِالظَّرِيفِ زَيْدٍ . وَقِيلَ : عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْحَمِيدِ وَلَيْسَ صِفَةً ; لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ صَارَ كَالْعَلَمِ فَلَا يُوصَفُ ; كَمَا لَا يُوصَفُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِقُدْرَةِ الْإِيجَادِ . وَقَالَ
أَبُو عَمْرٍو : وَالْخَفْضُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، مَجَازُهُ : إِلَى صِرَاطِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ . وَكَانَ
يَعْقُوبُ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْحَمِيدِ رَفَعَ ، وَإِذَا وَصَلَ خَفَضَ عَلَى النَّعْتِ . قَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : مَنْ خَفَضَ وَقَفَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وَمَا فِي الْأَرْضِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْوَيْلُ فِي " الْبَقَرَةِ " وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْعَذَابِ وَالْهَلَكَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ أَيْ مِنْ جَهَنَّمَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ يَخْتَارُونَهَا عَلَى الْآخِرَةِ ، وَالْكَافِرُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ . فَ " الَّذِينَ فِي مَوْضِعِ خَفْضِ صِفَةٍ لَهُمْ . وَقِيلَ : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ ، أَيْ هُمُ الَّذِينَ ، وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ " أُولَئِكَ " وَكُلُّ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتَهَا ، وَاسْتَحَبَّ الْبَقَاءَ فِي نَعِيمِهَا عَلَى النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَصَدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ - أَيْ صَرَفَ النَّاسَ عَنْهُ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ ، الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ، فِي قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ - فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ; وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835334إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةُ الْمُضِلُّونَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَمَا أَكْثَرَ مَا هُمْ فِي هَذِهِ
[ ص: 297 ] الْأَزْمَانِ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . وَقِيلَ : يَسْتَحِبُّونَ أَيْ يَلْتَمِسُونَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا ; لِأَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُلْتَمَسُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ دُونَ مَعْصِيَتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أَيْ يَطْلُبُونَ لَهَا زَيْغًا وَمَيْلًا لِمُوَافَقَةِ أَهْوَائِهِمْ ، وَقَضَاءِ حَاجَاتِهِمْ وَأَغْرَاضِهِمْ . وَالسَّبِيلُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ . وَالْعِوَجُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الدِّينِ وَالْأَمْرِ وَالْأَرْضِ وَفِي كُلِّ مَا لَمْ يَكُنْ قَائِمًا ; وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي كُلِّ مَا كَانَ قَائِمًا ، كَالْحَائِطِ وَالرُّمْحِ وَنَحْوَهُ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " آلِ عِمْرَانَ " وَغَيْرِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ أَيْ : ذَهَابٌ عَنِ الْحَقِّ بَعِيدٌ عَنْهُ .