قوله تعالى : ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين
ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وهم الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة بأنهم قد بلغوا الرسالة ودعوهم إلى الإيمان ، في كل زمان شهيد وإن لم يكن نبيا ; وفيهم قولان : أحدهما : أنهم أئمة الهدى الذين هم خلفاء الأنبياء . الثاني : أنهم العلماء الذين حفظ الله بهم شرائع أنبيائه . قوله تعالى :
قلت : فعلى هذا لم تكن فترة إلا وفيها من يوحد الله ; كقس بن ساعدة ، وزيد بن عمرو بن نفيل الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : ، يبعث أمة وحده وسطيح ، وورقة بن نوفل الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : رأيته ينغمس في أنهار الجنة . فهؤلاء ومن كان مثلهم حجة على أهل زمانهم وشهيد عليهم . والله أعلم .
كما ثبت في صحيح عن البخاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي سعيد الخدري نوح - عليه السلام - يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيدا فذلك قوله - عز وجل - وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا . . . . وذكر هذا الحديث مطولا يدعى ابن المبارك بمعناه ، وفيه : فتقول تلك الأمم كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب سبحانه كيف تشهدون على من لم تدركوا فيقولون ربنا بعثت إلينا رسولا وأنزلت إلينا عهدك وكتابك وقصصت علينا أنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا فيقول الرب صدقوا فذلك قوله - عز وجل - وكذلك جعلناكم أمة وسطا - والوسط العدل - لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا .
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء نظيره : قوله تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء . وقد تقدم فلينظر هناك وقال مجاهد : تبيانا للحلال والحرام .