قوله تعالى : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا
قوله تعالى : أولئك الذين يدعون أولئك مبتدأ الذين صفة أولئك وضمير الصلة محذوف ; أي يدعونهم . يعني أولئك المدعوون . ويبتغون خبر ، أو يكون حالا ، و الذين يدعون خبر ; أي يدعون إليه عبادا إلى عبادته . وقرأ ابن مسعود " تدعون " بالتاء على الخطاب . الباقون بالياء على الخبر . ولا خلاف في يبتغون أنه بالياء . وفي صحيح مسلم من كتاب التفسير عن في قوله - عز وجل - : عبد الله بن مسعود أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة قال : نفر من الجن أسلموا وكانوا يعبدون ، فبقي الذين كانوا يعبدون على عبادتهم وقد أسلم النفر من الجن . في رواية قال : نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجنيون والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون ; فنزلت أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة . وعنه أيضا أنهم الملائكة كانت تعبدهم قبائل من العرب ; ذكره . وقال الماوردي ابن عباس ومجاهد : عزير وعيسى . ويبتغون يطلبون من الله الزلفة والقربة ، ويتضرعون إلى الله - تعالى - في طلب الجنة ، وهي الوسيلة . أعلمهم الله - تعالى - أن المعبودين يبتغون القربة إلى ربهم . والهاء والميم في ربهم تعود على العابدين أو على المعبودين أو عليهم جميعا . وأما يدعون فعلى العابدين . ويبتغون على المعبودين .
أيهم أقرب ابتداء وخبر . ويجوز أن يكون أيهم أقرب بدلا من الضمير في يبتغون ، والمعنى يبتغي أيهم أقرب الوسيلة إلى الله .
ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا أي مخوفا لا أمان لأحد منه ; فينبغي أن [ ص: 252 ] يحذر منه ويخاف . وقال سهل بن عبد الله : الرجاء والخوف زمانان على الإنسان ، فإذا استويا استقامت أحواله ، وإن رجح أحدهما بطل الآخر .