قوله تعالى : وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا   قال سعيد بن جبير    : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلم الحجر الأسود في طوافه ، فمنعته قريش  وقالوا : لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا . فحدث نفسه وقال : ما علي أن ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني لها كاره فأبى الله - تعالى - ذلك وأنزل عليه هذه الآية   ; قاله مجاهد  وقتادة    . وقال ابن عباس  في رواية عطاء    : نزلت في وفد ثقيف  ، أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه شططا وقالوا : متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها ، فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا ، وحرم وادينا كما حرمت مكة  ، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم ; فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم ذلك فنزلت هذه الآية . وقيل : هو قول أكابر قريش  للنبي - صلى الله عليه وسلم - : اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى   [ ص: 269 ] نجلس معك ونسمع منك ; فهم بذلك حتى نهي عنه . وقال قتادة  ذكر لنا أن قريشا  خلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ، ويسودونه ويقاربونه ; فقالوا : إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا يا سيدنا ; وما زالوا به حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون ، ثم عصمه الله من ذلك ، وأنزل الله - تعالى - هذه الآية . ومعنى ليفتنونك أي يزيلونك . يقال : فتنت الرجل عن رأيه إذا أزلته عما كان عليه ; قاله الهروي    . وقيل يصرفونك ، والمعنى واحد . 
عن الذي أوحينا إليك  أي حكم القرآن ; لأن في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن . 
لتفتري علينا غيره  أي لتختلق علينا غير ما أوحينا إليك ، وهو قول ثقيف    : وحرم وادينا كما حرمت مكة  ، شجرها وطيرها ووحشها ، فإن سألتك العرب لم خصصتهم فقل الله أمرني بذلك حتى يكون عذرا لك . 
وإذا لاتخذوك خليلا  أي لو فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلا ، أي والوك وصافوك ; مأخوذ من الخلة ( بالضم ) وهي الصداقة لممايلته لهم . وقيل : لاتخذوك خليلا  أي فقيرا . مأخوذ من الخلة ( بفتح الخاء ) وهي الفقر لحاجته إليهم . 
				
						
						
