الأولى : قوله تعالى : ويخرون للأذقان هذه مبالغة في صفتهم ومدح لهم . وحق لكل من توسم بالعلم وحصل منه شيئا أن يجري إلى هذه المرتبة ، فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذل . وفي مسند عن الدارمي أبي محمد التيمي قال : من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق ألا يكون أوتي علما ; لأن الله - تعالى - نعت العلماء ، ثم تلا هذه الآية . ذكره الطبري أيضا . والأذقان جمع ذقن ، وهو مجتمع اللحيين . وقال الحسن : الأذقان عبارة عن اللحى . أي يضعونها على الأرض في حال السجود وهو غاية التواضع . واللام بمعنى على ؛ تقول سقط لفيه أي على فيه وقال ابن عباس : أي للوجوه وإنما خص الأذقان بالذكر لأن الذقن أقرب شيء من وجه الإنسان قال ابن خويز منداد : ويجوز لأن الذقن هاهنا عبارة عن الوجه وقد يعبر بالشيء عما جاوره وببعضه عن جميعه فيقال : خر لوجهه ساجدا وإن كان لم يسجد على خده وعينه . ألا ترى إلى قوله : السجود على الذقن
فخر صريعا لليدين وللفم
فإنما أراد : خر صريعا على وجهه ويديه .
الثانية : قوله تعالى : يبكون دليل على جواز من خوف الله - تعالى - ، أو على معصيته في دين الله ، وأن ذلك لا يقطعها ولا يضرها . ذكر البكاء في الصلاة ابن المبارك عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عن أبيه قال : مطرف بن عبد الله بن الشخير . وفي كتاب أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء أبي داود : . وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء
[ ص: 307 ] الثالثة : واختلف الفقهاء في ; فقال الأنين مالك : الأنين لا يقطع الصلاة للمريض ، وأكرهه للصحيح ; وبه قال الثوري . وروى ابن الحكم عن مالك : التنحنح والأنين والنفخ لا يقطع الصلاة . وقال ابن القاسم : يقطع . وقال : إن كان له حروف تسمع وتفهم يقطع الصلاة . وقال الشافعي أبو حنيفة : إن كان من خوف الله لم يقطع ، وإن كان من وجع قطع . وروي عن أبي يوسف أن صلاته في ذلك كله تامة ; لأنه لا يخلو مريض ولا ضعيف من أنين .
الرابعة : قوله تعالى : ويزيدهم خشوعا تقدم القول في الخشوع في ( البقرة ) ويأتي .