قوله تعالى : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين  
 قوله تعالى : وإسماعيل وإدريس  وهو أخنوخ وقد تقدم وذا الكفل  أي واذكرهم . وخرج  الترمذي الحكيم  في ( نوادر الأصول ) وغيره من حديث ابن عمر  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كان في بني إسرائيل  رجل يقال له ذو الكفل  لا يتورع من ذنب عمله ، فاتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت ، فقال ما يبكيك ، قالت : من هذا العمل والله ما عملته قط ، قال : أأكرهتك قالت : لا ولكن حملني عليه الحاجة ، قال : اذهبي فهو لك ، والله لا أعصي الله بعدها أبدا ، ثم مات من ليلته فوجدوا مكتوبا على باب داره إن الله قد غفر لذي الكفل  وخرجه أبو عيسى الترمذي  أيضا ولفظه . ابن عمر    - رضي الله عنهما - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين - حتى عد سبع مرات - ولكني سمعته أكثر من ذلك ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : كان ذو الكفل  من بني إسرائيل  لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة ، فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها ، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ارتعدت وبكت ، فقال : ما يبكيك أأكرهتك ، قالت : لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة ، فقال : تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك ، وقال والله لا أعصي الله بعدها أبدا ، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه إن الله قد غفر لذي الكفل  قال : حديث حسن . وقيل إن اليسع لما كبر قال : لو استخلفت رجلا على الناس أنظر كيف يعمل . فقال : من يتكفل لي بثلاث : بصيام النهار وقيام الليل وألا يغضب وهو يقضي ؟ فقال رجل من ذرية العيص : أنا ؛ فرده ثم قال مثلها من الغد ؛ فقال الرجل : أنا ؛ فاستخلفه فوفى فأثنى الله عليه فسمي ذا الكفل ؛  لأنه تكفل بأمر ؛ قاله أبو موسى  ومجاهد  وقتادة    . وقال عمرو بن عبد الرحمن بن الحارث  وقال أبو موسى  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن ذا الكفل  لم   [ ص: 234 ] يكن نبيا ، ولكنه كان عبدا صالحا فتكفل بعمل رجل صالح عند موته ، وكان يصلي لله كل يوم مائة صلاة فأحسن الله الثناء عليه . و قال كعب    : كان في بني إسرائيل  ملك كافر فمر ببلاده رجل صالح فقال : والله إن خرجت من هذه البلاد حتى أعرض على هذا الملك الإسلام . فعرض عليه فقال : ما جزائي ؟ قال : الجنة - ووصفها له - قال : من يتكفل لي بذلك ؟ قال : أنا ؛ فأسلم الملك وتخلى عن المملكة وأقبل على طاعة ربه حتى مات ، فدفن فأصبحوا فوجدوا يده خارجة من القبر وفيها رقعة خضراء مكتوب فيها بنور أبيض : إن الله قد غفر لي وأدخلني الجنة ووفى عن كفالة فلان ؛ فأسرع الناس إلى ذلك الرجل بأن يأخذ عليهم الأيمان ، ويتكفل لهم بما تكفل به للملك ، ففعل ذلك فآمنوا كلهم فسمي ذا الكفل    . وقيل : كان رجلا عفيفا يتكفل بشأن كل إنسان وقع في بلاء أو تهمة أو مطالبة فينجيه الله على يديه . وقيل : سمي ذا الكفل  لأن الله تعالى تكفل له في سعيه وعمله بضعف عمل غيره من الأنبياء الذين كانوا في زمانه . والجمهور على أنه ليس بنبي . وقال الحسن    : هو نبي قبل إلياس    . وقيل : هو زكريا  بكفالة مريم    . كل من الصابرين  أي على أمر الله والقيام بطاعته واجتناب معاصيه . وأدخلناهم في رحمتنا  أي في الجنة إنهم من الصالحين    . 
				
						
						
