قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين   
قوله تعالى : ولقد كتبنا في الزبور  الزبور والكتاب واحد ؛ ولذلك جاز أن يقال للتوراة والإنجيل زبور . زبرت أي كتبت وجمعه زبر . وقال سعيد بن جبير    : الزبور التوراة والإنجيل والقرآن . من بعد الذكر  الذي في السماء أن الأرض  أرض الجنة يرثها عبادي الصالحون  رواه سفيان  عن الأعمش  عن سعيد بن جبير    . الشعبي    : الزبور زبور داود ، والذكر توراة موسى    - عليه السلام - . مجاهد  وابن زيد    : الزبور كتب الأنبياء عليهم السلام ، والذكر أم الكتاب الذي عند الله في السماء . وقال ابن عباس    : الزبور الكتب التي أنزلها الله من بعد موسى  على أنبيائه ، والذكر التوراة المنزلة على موسى    . وقرأ حمزة    ( في الزبور ) بضم الزاي جمع زبر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون  أحسن ما قيل فيه   [ ص: 255 ] أنه يراد بها أرض الجنة كما قال سعيد بن جبير ؛  لأن الأرض في الدنيا قد ورثها الصالحون وغيرهم . وهو قول ابن عباس  ومجاهد  وغيرهما . وقال مجاهد   وأبو العالية    : ودليل هذا التأويل قوله تعالى : وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض  وعن ابن عباس  أنها الأرض المقدسة . وعنه أيضا : أنها أرض الأمم الكافرة ترثها أمة محمد    - صلى الله عليه وسلم - بالفتوح . وقيل : إن المراد بذلك بنو إسرائيل ؛  بدليل قوله تعالى : وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها  وأكثر المفسرين على أن المراد بالعباد الصالحين أمة محمد    - صلى الله عليه وسلم - . وقرأ حمزة    ( عبادي الصالحون ) بتسكين الياء . إن في هذا  أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه . وقيل : إن في القرآن لبلاغا لقوم عابدين  قال  أبو هريرة   وسفيان الثوري    : هم أهل الصلوات الخمس . وقال ابن عباس    - رضي الله عنهما - : عابدين مطيعين . والعابد المتذلل الخاضع . قال القشيري    : ولا يبعد أن يدخل فيه كل عاقل ؛ لأنه من حيث الفطرة متذلل للخالق ، وهو بحيث لو تأمل القرآن واستعمله لأوصله ذلك إلى الجنة . وقال ابن عباس  أيضا : هم أمة محمد    - صلى الله عليه وسلم - الذين يصلون الصلوات الخمس ويصومون شهر رمضان . وهذا هو القول الأول بعينه . 
				
						
						
