قوله تعالى : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله   وعن بعضهم : أخفى غيبه على الخلق ، ولم يطلع عليه أحد لئلا يأمن أحد من عبيده مكره . وقيل : نزلت في المشركين حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن قيام الساعة . و ( من ) في موضع رفع ; والمعنى : قل لا يعلم أحد الغيب إلا الله    ; فإنه بدل من ( من ) قاله الزجاج    . الفراء    : وإنما رفع ما بعد ( إلا ) لأن ما قبلها جحد ، كقوله : ما ذهب أحد إلا أبوك ; والمعنى واحد . قال الزجاج    : ومن نصب نصب على الاستثناء ; يعني في الكلام . قال النحاس    : وسمعته يحتج بهذه الآية على من صدق منجما ; وقال : أخاف أن يكفر بهذه الآية . 
قلت : وقد مضى هذا في ( الأنعام ) مستوفى وقالت عائشة    : من زعم أن محمدا  يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية   ; والله تعالى يقول : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله  خرجه مسلم    . وروي أنه دخل على الحجاج  منجم فاعتقله الحجاج  ، ثم أخذ حصيات فعدهن ، ثم قال : كم في يدي من حصاة ؟ فحسب المنجم ثم قال : كذا ; فأصاب . ثم اعتقله فأخذ حصيات لم يعدهن فقال : كم في يدي ؟ فحسب فأخطأ ثم حسب فأخطأ ; ثم قال : أيها الأمير أظنك لا تعرف عددها ; قال : لا . قال : فإني لا أصيب . قال : فما الفرق ؟ قال : إن ذلك أحصيته فخرج عن حد الغيب ، وهذا لم تحصه فهو غيب و لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله  وقد مضى هذا في ( آل عمران ) والحمد لله . 
				
						
						
