قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات قيل : إن هذا من قول
موسى . وقيل : هو من تمام وعظ مؤمن
آل فرعون ، ذكرهم قديم عتوهم على الأنبياء ، وأراد
يوسف بن يعقوب جاءهم بالبينات
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : هو
يوسف بن يعقوب بعثه الله تعالى رسولا إلى
القبط بعد موت الملك من قبل
موسى بالبينات وهي الرؤيا . وقال
ابن عباس : هو
يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيا عشرين سنة . وحكى
النقاش عن
الضحاك : أن الله تعالى بعث إليهم رسولا من الجن يقال له
يوسف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : إن
فرعون موسى هو
فرعون يوسف عمر . وغيره يقول : هو آخر .
النحاس : وليس في الآية ما يدل على أنه هو ; لأنه إذا أتى بالبينات نبي لمن معه ولمن بعده فقد جاءهم جميعا بها وعليهم أن يصدقوه بها .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34فما زلتم في شك مما جاءكم به أي أسلافكم كانوا في شك .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا أي من يدعي الرسالة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كذلك يضل الله أي مثل ذلك الضلال
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34يضل الله من هو مسرف مرتاب شاك في وحدانية الله تعالى .
[ ص: 280 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله أي في حججه الظاهرة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بغير سلطان أتاهم أي بغير حجة وبرهان و " الذين " في موضع نصب على البدل من " من " وقال
الزجاج : أي : كذلك يضل الله الذين يجادلون في آيات الله ف " الذين " نصب . قال : ويجوز أن يكون رفعا على معنى هم الذين ، أو على الابتداء والخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كبر مقتا . ثم قيل : هذا من كلام مؤمن آل فرعون . وقيل : ابتداء خطاب من الله تعالى .
مقتا على البيان أي : كبر جدالهم مقتا ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5كبرت كلمة ومقت الله تعالى ذمه لهم ولعنه إياهم وإحلال العذاب بهم . كذلك أي كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين فكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يطبع الله أي يختم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35على كل قلب متكبر جبار حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق . وقراءة العامة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35على كل قلب متكبر بإضافة " قلب " إلى المتكبر ، واختاره
أبو حاتم وأبو عبيد . وفي الكلام حذف ، والمعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كذلك يطبع الله على كل قلب على كل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35متكبر جبار فحذف " كل " الثانية لتقدم ما يدل عليها . وإذا لم يقدر حذف " كل " لم يستقم المعنى ; لأنه يصير معناه أنه يطبع على جميع قلبه وليس المعنى عليه . وإنما المعنى أنه يطبع على قلوب المتكبرين الجبارين قلبا قلبا . ومما يدل على حذف " كل " قول
أبي دواد :
أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا
يريد : وكل نار . وفي قراءة
ابن مسعود " على قلب كل متكبر " فهذه قراءة على التفسير والإضافة . وقرأ
أبو عمرو وابن محيصن وابن ذكوان عن
أهل الشام " قلب " منون على أن " متكبر " نعت للقلب فكنى بالقلب عن الجملة ; لأن القلب هو الذي يتكبر وسائر الأعضاء تبع له ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ويجوز أن يكون على حذف المضاف ، أي : على كل ذي قلب متكبر ، تجعل الصفة لصاحب القلب .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ قِيلَ : إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ
مُوسَى . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ تَمَامِ وَعْظِ مُؤْمِنِ
آلِ فِرْعَوْنَ ، ذَكَّرَهُمْ قَدِيمَ عُتُوِّهِمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَرَادَ
يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : هُوَ
يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولًا إِلَى
الْقِبْطِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَلِكِ مِنْ قَبْلِ
مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ وَهِيَ الرُّؤْيَا . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ
يُوسُفُ بْنُ إِفْرِائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَقَامَ فِيهِمْ نَبِيًّا عِشْرِينَ سَنَةً . وَحَكَى
النَّقَّاشُ عَنِ
الضَّحَّاكِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ
يُوسُفُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : إِنَّ
فِرْعَوْنَ مُوسَى هُوَ
فِرْعَوْنُ يُوسُفَ عُمِّرَ . وَغَيْرُهُ يَقُولُ : هُوَ آخَرُ .
النَّحَّاسُ : وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَاتِ نَبِيٌّ لِمَنْ مَعَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ فَقَدْ جَاءَهُمْ جَمِيعًا بِهَا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ بِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ أَيْ أَسْلَافُكُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا أَيْ مَنْ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الضَّلَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ شَاكٌّ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى .
[ ص: 280 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَيْ فِي حُجَجِهِ الظَّاهِرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ أَيْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ وَ " الَّذِينَ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ " مَنْ " وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : أَيْ : كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ فَ " الَّذِينَ " نَصْبٌ . قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلَى مَعْنَى هُمُ الَّذِينَ ، أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَبُرَ مَقْتًا . ثُمَّ قِيلَ : هَذَا مِنْ كَلَامِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ . وَقِيلَ : ابْتِدَاءُ خِطَابٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .
مَقْتًا عَلَى الْبَيَانِ أَيْ : كَبُرَ جِدَالُهُمْ مَقْتًا ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5كَبُرَتْ كَلِمَةً وَمَقْتُ اللَّهِ تَعَالَى ذَمُّهُ لَهُمْ وَلَعْنُهُ إِيَّاهُمْ وَإِحْلَالُ الْعَذَابِ بِهِمْ . كَذَلِكَ أَيْ كَمَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الْمُجَادِلِينَ فَكَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يَطْبَعُ اللَّهُ أَيْ يَخْتِمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ حَتَّى لَا يَعْقِلَ الرَّشَادَ وَلَا يَقْبَلَ الْحَقَّ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ بِإِضَافَةِ " قَلْبِ " إِلَى الْمُتَكَبِّرِ ، وَاخْتَارَهُ
أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ . وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ عَلَى كُلِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ فَحَذَفَ " كُلِّ " الثَّانِيَةِ لِتَقَدُّمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا . وَإِذَا لَمْ يُقَدَّرْ حَذْفُ " كُلِّ " لَمْ يَسْتَقِمِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطْبَعُ عَلَى جَمِيعِ قَلْبِهِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُتَكَبِّرِينَ الْجَبَّارِينَ قَلْبًا قَلْبًا . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَذْفِ " كُلِّ " قَوْلُ
أَبِي دُوَادَ :
أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسِبِينَ امْرَأً وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَا
يُرِيدُ : وَكُلُّ نَارٍ . وَفِي قِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ " عَلَى قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ " فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْإِضَافَةِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنْ
أَهْلِ الشَّامِ " قَلْبٍ " مُنَوَّنٍ عَلَى أَنَّ " مُتَكَبِّرٍ " نَعْتٌ لِلْقَلْبِ فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنِ الْجُمْلَةِ ; لِأَنَّ الْقَلْبَ هُوَ الَّذِي يَتَكَبَّرُ وَسَائِرَ الْأَعْضَاءِ تَبَعٌ لَهُ ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَّا وَهِيَ الْقَلْبُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ ، أَيْ : عَلَى كُلِّ ذِي قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ ، تَجْعَلُ الصِّفَةَ لِصَاحِبِ الْقَلْبِ .