السابعة عشرة : فأما فلا يجوز إجماعا لما ذكرنا . قال الإمام إقامة إمامين أو ثلاثة في عصر واحد وبلد واحد أبو المعالي : ذهب أصحابنا إلى منع عقد الإمامة لشخصين في طرفي العالم ، ثم قالوا : لو اتفق عقد الإمامة لشخصين نزل ذلك منزلة تزويج وليين امرأة واحدة من زوجين من غير أن يشعر أحدهما بعقد الآخر . قال : والذي عندي فيه أن عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط والمخاليف - غير جائز وقد حصل الإجماع عليه . فأما إذا بعد المدى وتخلل بين الإمامين شسوع النوى فللاحتمال في ذلك مجال وهو خارج عن القواطع . وكان الأستاذ أبو إسحاق يجوز ذلك في إقليمين متباعدين غاية التباعد لئلا تتعطل حقوق الناس وأحكامهم . وذهبت الكرامية إلى جواز نصب إمامين من غير تفصيل ، ويلزمهم إجازة ذلك في بلد واحد ، وصاروا إلى أن عليا ومعاوية كانا إمامين . قالوا : وإذا كانا اثنين في بلدين أو ناحيتين كان كل واحد منهما أقوم بما في يديه وأضبط لما يليه ، ولأنه لما جاز بعثة نبيين في عصر واحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال النبوة كانت الإمامة أولى ، ولا يؤدي ذلك إلى إبطال الإمامة . والجواب أن ذلك جائز لولا منع الشرع منه ، لقوله : ولأن الأمة عليه . وأما فاقتلوا الآخر منهما معاوية فلم يدع الإمامة لنفسه وإنما ادعى ولاية الشام بتولية من قبله من الأئمة . ومما يدل على هذا إجماع الأمة في عصرهما على أن الإمام أحدهما ، ولا قال أحدهما إني إمام ومخالفي إمام . فإن قالوا : العقل لا يحيل ذلك وليس في السمع ما يمنع منه . قلنا : أقوى السمع الإجماع ، وقد وجد على المنع .
[ ص: 261 ]