الثالثة : واختلف أهل التأويل في معنى الأسماء التي علمها لآدم  عليه السلام  ، فقال ابن عباس  وعكرمة  وقتادة  ومجاهد   وابن جبير    : علمه أسماء جميع الأشياء كلها جليلها وحقيرها . وروى عاصم بن كليب  عن سعد مولى الحسن بن علي  قال : كنت جالسا عند ابن عباس  فذكروا اسم الآنية واسم السوط ، قال ابن عباس    : وعلم آدم الأسماء كلها    . 
قلت : وقد روي هذا المعنى مرفوعا على ما يأتي ، وهو الذي يقتضيه لفظ " كلها " إذ هو اسم موضوع للإحاطة والعموم ، وفي  البخاري  من حديث أنس  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ويجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم  فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء الحديث . قال ابن خويز منداد    : في هذه الآية دليل على أن اللغة مأخوذة توقيفا ، وأن الله تعالى علمها آدم  عليه السلام جملة وتفصيلا . وكذلك قال ابن عباس    : علمه أسماء كل شيء حتى الجفنة والمحلب . 
وروى شيبان  عن قتادة  قال : علم آدم  من الأسماء أسماء خلقه ما لم يعلم الملائكة ، وسمى كل شيء باسمه وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه   . قال النحاس    : وهذا أحسن ما روي في هذا . والمعنى : علمه أسماء الأجناس وعرفه منافعها ، هذا كذا ، وهو يصلح لكذا . وقال الطبري    : علمه أسماء الملائكة وذريته ، واختار هذا ورجحه بقوله : ثم عرضهم على الملائكة  
وقال ابن زيد    : علمه أسماء ذريته ، كلهم . 
الربيع بن خثيم    : أسماء الملائكة خاصة . 
القتي    : أسماء ما خلق في الأرض . وقيل : أسماء الأجناس والأنواع . 
قلت : القول الأول أصح ، لما ذكرناه آنفا ولما نبينه إن شاء الله تعالى . 
				
						
						
