قوله تعالى : أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون    . 
قوله تعالى : أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم  قراءة العامة بضم الياء فيهما . وقرئ ( يتقبل ، ويتجاوز ) بفتح الياء ، والضمير فيهما يرجع لله عز وجل . وقرأ حفص  وحمزة   والكسائي  نتقبل ، ونتجاوز النون فيهما ، أي :   [ ص: 183 ] نغفرها ونصفح عنها . والتجاوز أصله من جزت الشيء إذا لم تقف عليه . وهذه الآية تدل على أن الآية التي قبلها ووصينا الإنسان  إلى آخرها مرسلة نزلت على العموم . وهو قول الحسن    . ومعنى نتقبل عنهم أي : نتقبل منهم الحسنات ونتجاوز عن السيئات . قال  زيد بن أسلم    - ويحكيه مرفوعا - : إنهم إذا أسلموا قبلت حسناتهم وغفرت سيئاتهم . وقيل : الأحسن ما يقتضي الثواب من الطاعات ، وليس في الحسن المباح ثواب ولا عقاب  ، حكاه ابن عيسى    . 
في أصحاب الجنة  في بمعنى مع ، أي : مع أصحاب الجنة ، تقول : أكرمك وأحسن إليك في جميع أهل البلد ، أي : مع جميعهم . 
وعد الصدق  نصب لأنه مصدر مؤكد لما قبله ، أي : وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وعد الصدق . وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه لأن الصدق هو ذلك الوعد الذي وعده الله ، وهو كقوله تعالى : حق اليقين  وهذا عند الكوفيين ، فأما عند البصريين  فتقديره : وعد الكلام الصدق أو الكتاب الصدق ، فحذف الموصوف . وقد مضى هذا في غير موضع . الذي كانوا يوعدون في الدنيا على ألسنة الرسل ، وذلك الجنة . 
				
						
						
