قوله تعالى : ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما .
ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات أي بإيصال الهموم إليهم بسبب علو كلمة المسلمين ، وبأن يسلط النبي - عليه السلام - قتلا وأسرا واسترقاقا . قوله تعالى : الظانين بالله ظن السوء يعني ظنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرجع إلى المدينة ، ولا أحد من أصحابه حين خرج إلى الحديبية ، وأن المشركين يستأصلونهم . كما قال : بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا . وقال الخليل : السوء هنا الفساد . وسيبويه عليهم دائرة السوء في الدنيا بالقتل والسبي والأسر ، وفي الآخرة جهنم . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ( دائرة السوء ) بالضم . وفتح الباقون . قال الجوهري : ساءه يسوءه سوءا ( بالفتح ) [ ص: 243 ] ومساءة ومساية ، نقيض سره ، والاسم السوء ( بالضم ) . وقرئ ( عليهم دائرة السوء ) يعني الهزيمة والشر . ومن فتح فهو من المساءة .
وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما دليل على كفرهم لأن تقدم في غير موضع جميعه ، والحمد لله . وقيل : لما جرى صلح الله تعالى لا يغضب إلا على كافر خارج عن الإيمان الحديبية قال ابن أبي : أيظن محمد أنه إذا صالح أهل مكة أو فتحها لا يبقى له عدو ، فأين فارس والروم فبين الله - عز وجل - أن جنود السماوات والأرض أكثر من فارس والروم . وقيل : يدخل فيه جميع المخلوقات . وقال ابن عباس : ولله جنود السماوات الملائكة . وجنود الأرض المؤمنون . وأعاد لأن الذي سبق عقيب ذكر المشركين من قريش ، وهذا عقيب ذكر المنافقين وسائر المشركين . والمراد في الموضعين التخويف والتهديد . فلو أراد إهلاك المنافقين والمشركين لم يعجزه ذلك ، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى .