يوم تمور السماء مورا العامل في " يوم " قوله : واقع أي يقع العذاب بهم يوم القيامة وهو اليوم الذي تمور فيه السماء . قال أهل اللغة : مار الشيء يمور مورا ، أي تحرك وجاء وذهب كما تتكفأ النخلة العيدانة ، أي : الطويلة ، والتمور مثله . وقال قوله تعالى : الضحاك : يموج بعضها في بعض . مجاهد : تدور دورا . أبو عبيدة : تكفأ ، وأنشد والأخفش : للأعشى
كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل
وقيل : تجري جريا . ومنه قول جرير :وما زالت القتلى تمور دماؤها بدجلة حتى ماء دجلة أشكل
. . . فوق مور معبد
[ ص: 60 ] والمور الموج . وناقة موارة اليد أي : سريعة . والبعير يمور عضداه إذا ترددا في عرض جنبه ، قال الشاعر :على ظهر موار الملاط حصان
الملاط : الجنب . وقولهم : لا أدري أغار أم مار ; أي أتى غورا أم دار فرجع إلى نجد . والمور بالضم : الغبار بالريح . وقيل : إن السماء هاهنا الفلك وموره اضطراب نظمه واختلاف سيره ; قاله ابن بحر .وتسير الجبال سيرا قال مقاتل : تسير عن أماكنها حتى تستوي بالأرض . وقيل : تسير كسير السحاب اليوم في الدنيا ; بيانه وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب . وقد مضى هذا المعنى في " الكهف " .
فويل يومئذ للمكذبين " ويل " كلمة تقال للهالك ، وإنما دخلت الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة .
الذين هم في خوض يلعبون أي في تردد في الباطل ، وهو خوضهم في أمر محمد بالتكذيب . وقيل : في خوض في أسباب الدنيا يلعبون لا يذكرون حسابا ولا جزاء . وقد مضى في " براءة " .
قوله تعالى : يوم يدعون " يوم " بدل من يومئذ . و " يدعون " معناه يدفعون إلى جهنم بشدة وعنف ، يقال : دععته أدعه دعا أي دفعته ، ومنه قوله تعالى : فذلك الذي يدع اليتيم . وفي التفسير : إن خزنة جهنم يغلون أيديهم إلى أعناقهم ، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ، ثم يدفعونهم في النار دفعا على وجوههم ، وزخا في أعناقهم حتى يردوا النار . وقرأ أبو رجاء العطاردي وابن السميفع " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا " بالتخفيف من الدعاء فإذا دنوا من النار قالت لهم الخزنة : هذه النار التي كنتم بها تكذبون في الدنيا .
قوله تعالى : أفسحر هذا استفهام معناه التوبيخ والتقريع ; أي يقال لهم : أفسحر هذا الذي ترون الآن بأعينكم أم أنتم لا تبصرون وقيل : " أم " بمعنى بل ; أي : بل كنتم لا تبصرون في الدنيا ولا تعقلون .
قوله تعالى : اصلوها أي تقول لهم الخزنة ذوقوا حرها بالدخول فيها .
فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم أي سواء كان لكم فيها صبر أو لم يكن ف ( سواء ) خبره محذوف ، أي سواء عليكم الجزع والصبر فلا ينفعكم شيء ، كما أخبر عنهم أنهم يقولون : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا . إنما تجزون ما كنتم تعملون .
[ ص: 61 ]