قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان  
قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان   مرج أي خلى   [ ص: 148 ] وأرسل وأهمل ، يقال : مرج السلطان الناس إذا أهملهم . وأصل المرج الإهمال كما تمرج الدابة في المرعى . ويقال : مرج خلط . وقال الأخفش    : ويقول قوم أمرج البحرين مثل مرج ، فعل وأفعل بمعنى . البحرين قال ابن عباس    : بحر السماء وبحر الأرض ، وقاله مجاهد   وسعيد بن جبير    . 
يلتقيان في كل عام . وقيل : يلتقي طرفاهما . وقال الحسن  ، وقتادة    : بحر فارس  والروم    . وقال  ابن جريج    : إنه البحر المالح والأنهار العذبة . وقيل : بحر المشرق والمغرب يلتقي طرفاهما . وقيل : بحر اللؤلؤ والمرجان . 
بينهما برزخ أي حاجز ، فعلى القول الأول ما بين السماء والأرض ؛ قاله الضحاك    . وعلى القول الثاني الأرض التي بينهما وهي الحجاز ؛ قاله الحسن  وقتادة    . وعلى غيرهما من الأقوال : القدرة الإلهية على ما تقدم في ( الفرقان ) . وفي الخبر عن  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى كلم الناحية الغربية فقال : إني جاعل فيك عبادا لي يسبحونني ويكبرونني ويهللونني ويمجدونني فكيف أنت لهم ؟ فقالت : أغرقهم يا رب . قال : إني أحملهم على يدي ، وأجعل بأسك في نواحيك . ثم كلم الناحية الشرقية فقال : إني جاعل فيك عبادا لي يسبحونني ويكبرونني ويهللونني ويمجدونني فكيف أنت لهم ؟ قالت : أسبحك معهم إذا سبحوك ، وأكبرك معهم إذا كبروك ، وأهللك معهم إذا هللوك ، وأمجدك معهم إذا مجدوك ، فأثابها الله الحلية وجعل بينهما برزخا ، وتحول أحدهما ملحا أجاجا ، وبقي الآخر على حالته عذبا فراتا ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم أبو عبد الله  قال : حدثنا صالح بن محمد  ، حدثنا القاسم العمري  عن سهل  عن أبيه عن  أبي هريرة    . 
لا يبغيان قال قتادة    : لا يبغيان على الناس فيغرقانهم ، جعل بينهما وبين الناس يبسا   . وعنه أيضا ومجاهد    : لا يبغي أحدهما على صاحبه فيغلبه . ابن زيد    : المعنى لا يبغيان أن يلتقيا ، وتقدير الكلام : مرج البحرين يلتقيان  ، لولا البرزخ الذي بينهما لا يبغيان أن يلتقيا . وقيل : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة ، أي بينهما مدة قدرها الله وهي مدة الدنيا فهما لا يبغيان ، فإذا أذن الله في انقضاء الدنيا صار البحران شيئا واحدا ، وهو كقوله تعالى : وإذا البحار فجرت    . وقال سهل بن عبد الله    : البحران طريق الخير والشر ، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة   . 
قوله تعالى : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان   أي يخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان ، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان . وقرأ نافع  وأبو عمرو    " يخرج " بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول . الباقون يخرج بفتح الياء وضم الراء على أن   [ ص: 149 ] اللؤلؤ هو الفاعل . وقال : منهما وإنما يخرج من الملح لا العذب لأن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما ، كقوله تعالى : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم  وإنما الرسل من الإنس دون الجن  ، قال الكلبي  وغيره . قال الزجاج    : قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما ، وهو كقوله تعالى : ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا  والقمر في سماء الدنيا ولكن أجمل ذكر السبع فكأن ما في إحداهن فيهن . وقال أبو علي الفارسي    : هذا من باب حذف المضاف ، أي من إحداهما ، كقوله : على رجل من القريتين عظيم  أي من إحدى القريتين . وقال الأخفش سعيد    : زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ من العذب   . وقيل : هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان . ابن عباس    : هما بحرا السماء والأرض . فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤا فصار خارجا منهما ، وقاله الطبري    . قال الثعلبي    : ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدفة ، فأصابت القطرة بعض النواة ولم تصب البعض ، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة   . وقيل : إن العذب والملح قد يلتقيان ، فيكون العذب كاللقاح للملح ، فنسب إليهما كما ينسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى ، لذلك قيل : إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من وضع يلتقي فيه العذب والملح . وقيل : المرجان عظام اللؤلؤ وكباره ؛ قاله علي   وابن عباس  رضي الله عنهما   . واللؤلؤ صغاره . وعنهما أيضا بالعكس : إن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره ، وقاله الضحاك  وقتادة    . وقال ابن مسعود  وأبو مالك    : المرجان الخرز الأحمر   . 
				
						
						
