قوله تعالى : يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان  
قوله تعالى : يسأله من في السماوات والأرض   قيل : المعنى يسأله من في السماوات الرحمة ، ومن في الأرض الرزق . وقال ابن عباس   وأبو صالح    : أهل السماوات يسألونه المغفرة ولا يسألونه الرزق ، وأهل الأرض يسألونهما جميعا   . وقال  ابن جريج    : وتسأل الملائكة الرزق لأهل الأرض ، فكانت المسألتان جميعا من أهل السماء وأهل الأرض لأهل الأرض . وفي الحديث : إن من الملائكة ملكا له أربعة أوجه ؛ وجه كوجه الإنسان وهو يسأل الله الرزق لبني آدم ، ووجه كوجه الأسد وهو يسأل الله الرزق للسباع ، ووجه كوجه الثور وهو يسأل الله الرزق للبهائم ، ووجه كوجه النسر وهو يسأل الله الرزق للطير   . وقال ابن عطاء    : إنهم سألوه القوة   [ ص: 152 ] على العبادة . كل يوم هو في شأن  هذا كلام مبتدأ . وانتصب كل يوم  ظرفا لقوله : في شأن  أو ظرفا للسؤال ، ثم يبتدئ هو في شأن    . وروى أبو الدرداء  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل يوم هو في شأن  قال : من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين   . وعن ابن عمر  عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل : كل يوم هو في شأن   قال : يغفر ذنبا ويكشف كربا ويجيب داعيا   . وقيل : من شأنه أن يحيي ويميت ، ويعز ويذل ، ويرزق ويمنع . وقيل : أراد شأنه في يومي الدنيا والآخرة . قال ابن بحر    : الدهر كله يومان ، أحدهما : مدة أيام الدنيا ، والآخر : يوم القيامة ، فشأنه سبحانه وتعالى في أيام الدنيا الابتلاء والاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع ، وشأنه يوم القيامة الجزاء والحساب ، والثواب والعقاب   . وقيل : المراد بذلك الإخبار عن شأنه في كل يوم من أيام الدنيا وهو الظاهر . والشأن في اللغة الخطب العظيم والجمع الشئون والمراد بالشأن هاهنا الجمع كقوله تعالى : ثم يخرجكم طفلا    . وقال الكلبي    : شأنه سوق المقادير إلى المواقيت . وقال عمرو بن ميمون  في قوله تعالى : كل يوم هو في شأن  من شأنه أن يميت حيا ، ويقر في الأرحام ما شاء ، ويعز ذليلا ، ويذل عزيزا   . وسأل بعض الأمراء وزيره عن قوله تعالى : كل يوم هو في شأن  فلم يعرف معناها ، واستمهله إلى الغد فانصرف كئيبا إلى منزله فقال له غلام له أسود : ما شأنك ؟ فأخبره . فقال له : عد إلى الأمير فإني أفسرها له ، فدعاه فقال : أيها الأمير ! شأنه أن يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، ويخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويشفي سقيما ، ويسقم سليما ، ويبتلي معافى ، ويعافي مبتلى ، ويعز ذليلا ويذل عزيزا ، ويفقر غنيا ويغني فقيرا ، فقال له : فرجت عني فرج الله عنك ، ثم أمر بخلع   [ ص: 153 ] ثياب الوزير وكساها الغلام ، فقال : يا مولاي ! هذا من شأن الله تعالى . وعن عبد الله بن طاهر    : أنه دعا  الحسين بن الفضل  وقال له : أشكلت علي ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي ؛ قوله تعالى : فأصبح من النادمين  وقد صح أن الندم توبة   . وقوله : كل يوم هو في شأن  وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة   . وقوله : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى    . فما بال الأضعاف ؟ فقال الحسين    : يجوز ألا يكون الندم توبة في تلك الأمة ، ويكون توبة في هذه الأمة ، لأن الله تعالى خص هذه الأمة بخصائص لم تشاركهم فيها الأمم . وقيل : إن ندم قابيل  لم يكن على قتل هابيل  ولكن على حمله . وأما قوله : كل يوم هو في شأن  فإنها شئون يبديها لا شئون يبتديها . وأما قوله : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى  فمعناه : ليس له إلا ما سعى عدلا ولي أن أجزيه بواحدة ألفا فضلا . فقام عبد الله . وقبل رأسه وسوغ خراجه   . 
				
						
						
