قوله تعالى : والشفع والوتر   
( الشفع ) : الاثنان ، ( والوتر ) : الفرد . واختلف في ذلك فروي مرفوعا عن عمران بن الحصين  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الشفع والوتر : الصلاة ، منها شفع ، ومنها وتر   " . وقال  جابر بن عبد الله    : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والفجر وليال عشر    - قال : هو الصبح ، وعشر النحر ، والوتر يوم عرفة ،  والشفع : يوم النحر "   . وهو قول ابن عباس  وعكرمة    . واختاره النحاس ،  وقال : حديث  أبي الزبير  عن جابر  هو الذي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أصح إسنادا من حديث عمران بن حصين    . فيوم عرفة  وتر ; لأنه تاسعها ، ويوم النحر شفع ; لأنه عاشرها . وعن أبي أيوب  قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى : والشفع والوتر  فقال : " الشفع : يوم عرفة  ويوم النحر ، والوتر ليلة يوم النحر " . وقال مجاهد   وابن عباس  أيضا : الشفع خلقه ، قال الله تعالى : وخلقناكم أزواجا  والوتر هو الله - عز وجل - . فقيل لمجاهد    : أترويه عن أحد ؟ قال : نعم ، عن  أبي سعيد الخدري ،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ونحوه قال  محمد بن سيرين  ومسروق   وأبو صالح  وقتادة ،  قالوا : الشفع : الخلق ، قال الله تعالى : ومن كل شيء خلقنا زوجين    : الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلال ، والنور والظلمة ، والليل والنهار ، والحر   [ ص: 37 ] والبرد ، والشمس والقمر ، والصيف والشتاء ، والسماء والأرض ، والجن والإنس   . والوتر : هو الله - عز وجل - ، قال جل ثناؤه : قل هو الله أحد الله الصمد    . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن لله تسعة وتسعين اسما ، والله وتر يحب الوتر   . 
وعن ابن عباس  أيضا : الشفع : صلاة الصبح " والوتر : صلاة المغرب   . وقال الربيع بن أنس   وأبو العالية    : هي صلاة المغرب ، الشفع فيها ركعتان ، والوتر الثالثة . وقال ابن الزبير    : الشفع : يوما منى    : الحادي عشر ، والثاني عشر . والثالث عشر الوتر قال الله تعالى : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه    . وقال الضحاك    : الشفع : عشر ذي الحجة ، والوتر : أيام منى الثلاثة   . وهو قول عطاء    . وقيل : إن الشفع والوتر : آدم  وحواء ;  لأن آدم  كان فردا فشفع بزوجته حواء ،  فصار شفعا بعد وتر . رواه ابن أبي نجيح ،  وحكاه القشيري  عن ابن عباس    . وفي رواية : الشفع : آدم  وحواء ،  والوتر هو الله تعالى . وقيل : الشفع والوتر : الخلق ; لأنهم شفع ووتر ، فكأنه أقسم بالخلق . وقد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه ، ويقسم بأفعاله لقدرته ، كما قال تعالى : وما خلق الذكر والأنثى    . ويقسم بمفعولاته ، لعجائب صنعه كما قال : والشمس وضحاها  ، والسماء وما بناها  ، والسماء والطارق    . وقيل : الشفع : درجات الجنة ، وهي ثمان . والوتر ، دركات النار ; لأنها سبعة . وهذا قول  الحسين بن الفضل  كأنه أقسم بالجنة والنار . وقيل : الشفع : الصفا  والمروة ،  والوتر : الكعبة    . وقال مقاتل بن حيان    : الشفع : الأيام والليالي ، والوتر : اليوم الذي لا ليلة بعده ، وهو يوم القيامة . وقال سفيان بن عيينة    : الوتر : هو الله ، وهو الشفع أيضا لقوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم    . وقال أبو بكر الوراق    : الشفع : تضاد أوصاف المخلوقين : العز والذل ، والقدرة والعجز ، والقوة والضعف ، والعلم والجهل ، والحياة والموت ، والبصر والعمى ، والسمع والصمم ، والكلام والخرس . والوتر : انفراد صفات الله تعالى : عز بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا موت ، وبصر بلا عمى ، وكلام بلا خرس ، وسمع بلا صمم ، وما وازاها . 
وقال الحسن    : المراد بالشفع والوتر : العدد كله ; لأن العدد لا يخلو عنهما ، وهو إقسام بالحساب   . وقيل : الشفع : مسجدي مكة  والمدينة ،  وهما الحرمان . والوتر : مسجد بيت المقدس    . وقيل : الشفع : القرن بين الحج والعمرة ، أو التمتع بالعمرة إلى الحج . والوتر :   [ ص: 38 ] الإفراد فيه . وقيل : الشفع : الحيوان ; لأنه ذكر وأنثى . والوتر : الجماد . وقيل : الشفع : ما ينمى ، والوتر : ما لا ينمى . وقيل غير هذا . وقرأ ابن مسعود  وأصحابه  والكسائي  وحمزة  وخلف    ( والوتر ) بكسر الواو . والباقون ( بفتح الواو ) ، وهما لغتان بمعنى واحد . وفي الصحاح : الوتر ( بالكسر ) : الفرد ، والوتر ( بفتح الواو ) : الذحل . هذه لغة أهل العالية . فأما لغة أهل الحجاز   فبالضد منهم . فأما تميم فبالكسر فيهما . 
				
						
						
