الثانية : قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة   مقدم في التلاوة وقوله : قتلتم نفسا  مقدم في المعنى على جميع ما ابتدأ به من شأن البقرة . ويجوز أن يكون قوله : قتلتم في النزول مقدما ، والأمر بالذبح مؤخرا . ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها ، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها ثم وقع ما وقع في أمر القتل ، فأمروا أن يضربوه ببعضها ، ويكون وإذ قتلتم مقدما في المعنى على القول الأول حسب ما ذكرنا ؛ لأن الواو لا توجب الترتيب . ونظيره في التنزيل في قصة نوح  بعد ذكر الطوفان وانقضائه في قوله : حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين  إلى قوله إلا قليل    . فذكر إهلاك من هلك منهم ثم عطف عليه بقوله : وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها    . فذكر الركوب متأخرا في الخطاب ، ومعلوم أن ركوبهم كان قبل الهلاك . وكذلك قوله تعالى : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما    . وتقديره : أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ، ومثله في القرآن كثير . 
				
						
						
