قال قوله تعالى : الذين آتيناهم الكتاب قتادة : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والكتاب على هذا التأويل القرآن . وقال ابن زيد : هم من أسلم من بني إسرائيل . والكتاب على هذا التأويل : التوراة ، والآية تعم . والذين رفع بالابتداء ، آتيناهم صلته ، يتلونه خبر الابتداء ، وإن شئت كان الخبر أولئك يؤمنون به .
[ ص: 92 ] واختلف في معنى يتلونه حق تلاوته فقيل : يتبعونه حق اتباعه ، باتباع الأمر والنهي ، فيحللون حلاله ، ويحرمون حرامه ، ويعملون بما تضمنه ، قاله عكرمة . قال عكرمة : أما سمعت قول الله تعالى : والقمر إذا تلاها أي أتبعها ، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما . وقال الشاعر : وابن مسعود
قد جعلت دلوي تستتليني
وروى نصر بن عيسى عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : يتلونه حق تلاوته قال : ( يتبعونه حق اتباعه ) . في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكر إلا أن معناه صحيح . وقال الخطيب أبو بكر أحمد : من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة . وعن أبو موسى الأشعري عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله ، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها . وقد روي هذا المعنى . وقال عن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا مر بآية رحمة سأل ، وإذا مر بآية عذاب تعوذ الحسن : هم الذين يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه . وقيل : يقرءونه حق قراءته .
قلت : وهذا فيه بعد ، إلا أن يكون المعنى يرتلون ألفاظه ، ويفهمون معانيه ، فإن بفهم المعاني يكون الاتباع لمن وفق .