قوله تعالى   : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون   قوله تعالى : تلك أمة قد خلت  تلك مبتدأ ، وأمة خبر ، قد خلت نعت لأمة ، وإن شئت كانت خبر المبتدأ ، وتكون أمة بدلا من تلك . لها ما كسبت ما في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة على قول الكوفيين . ولكم ما كسبتم مثله ، يريد من خير وشر . وفي هذا دليل على أن العبد يضاف إليه أعمال وأكساب  ، وإن كان الله تعالى أقدره على ذلك ، إن   [ ص: 131 ] كان خيرا فبفضله وإن كان شرا فبعدله ، وهذا مذهب أهل السنة ، والآي في القرآن بهذا المعنى كثيرة . فالعبد مكتسب لأفعاله ، على معنى أنه خلقت له قدرة مقارنة للفعل ، يدرك بها الفرق بين حركة الاختيار وحركة الرعشة مثلا ، وذلك التمكن هو مناط التكليف . وقال الجبرية  بنفي اكتساب العبد ، وإنه كالنبات الذي تصرفه الرياح . وقالت القدرية  والمعتزلة  خلاف هذين القولين ، وإن العبد يخلق أفعاله . 
قوله تعالى : ولا تسألون عما كانوا يعملون  أي لا يؤاخذ أحد بذنب أحد ، مثل قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى  أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى ، وسيأتي . 
				
						
						
