[ ص: 7 ] القول في تأويل قوله تعالى ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين    ( 93 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : أنه لم يكن حرم على بني إسرائيل  وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن  شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل التوراة ، بل كان ذلك كله لهم حلالا إلا ما كان يعقوب  حرمه على نفسه ، فإن ولده حرموه استنانا بأبيهم يعقوب ،  من غير تحريم الله ذلك عليهم في وحي ولا تنزيل ، ولا على لسان رسول له إليهم ، من قبل نزول التوراة . 
ثم اختلف أهل التأويل في تحريم ذلك عليهم ، هل نزل في التوراة أم لا؟ فقال بعضهم : لما أنزل الله عز وجل التوراة ، حرم عليهم من ذلك ما كانوا يحرمونه قبل نزولها . 
ذكر من قال ذلك : 
7399 - حدثني محمد بن الحسين ،  قال ، حدثنا أحمد بن المفضل  قال ، حدثنا أسباط ،  عن  السدي  قوله : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " قالت اليهود : إنما نحرم ما حرم إسرائيل  على نفسه ، وإنما حرم  [ ص: 8 ] إسرائيل  العروق ، كان يأخذه عرق النسا ، كان يأخذه بالليل ويتركه بالنهار ، فحلف لإن الله عافاه منه لا يأكل عرقا أبدا ، فحرمه الله عليهم ثم قال : " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " ، ما حرم هذا عليكم غيري ببغيكم ، فذلك قوله : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم   )  [ سورة النساء : 160 ] 
قال أبو جعفر   : فتأويل الآية على هذا القول : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، فإن الله حرم عليهم من ذلك ما كان إسرائيل  حرمه على نفسه في التوراة ، ببغيهم على أنفسهم وظلمهم لها . قل يا محمد   : فأتوا ، أيها اليهود ،  إن أنكرتم ذلك بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين أن الله لم يحرم ذلك عليكم في التوراة ، وأنكم إنما تحرمونه لتحريم إسرائيل  إياه على نفسه . 
وقال آخرون : ما كان شيء من ذلك عليهم حراما ، لا حرمه الله عليهم في التوراة ، وإنما هو شيء حرموه على أنفسهم اتباعا لأبيهم ، ثم أضافوا تحريمه إلى الله . فكذبهم الله عز وجل في إضافتهم ذلك إليه ، فقال الله عز وجل لنبينا محمد  صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد   : إن كنتم صادقين ، فأتوا بالتوراة فاتلوها ، حتى ننظر هل ذلك فيها ، أم لا؟ فيتبين كذبهم لمن يجهل أمرهم . 
ذكر من قال ذلك :  [ ص: 9 ] 
7400 - حدثت عن الحسين بن الفرج ،  قال ، سمعت أبا معاذ ،  قال ، أخبرنا عبيد بن سليمان  قال ، سمعت الضحاك  يقول في قوله : " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " إسرائيل  هو يعقوب ،  أخذه عرق النسا فكان لا يبيت الليل من وجعه ، وكان لا يؤذيه بالنهار . فحلف لإن شفاه الله لا يأكل عرقا أبدا ، وذلك قبل نزول التوراة على موسى   . فسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم اليهود   : ما هذا الذي حرم إسرائيل  على نفسه؟ فقالوا : نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل . فقال الله لمحمد  صلى الله عليه وسلم : " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " إلى قوله : " فأولئك هم الظالمون   " ، وكذبوا وافتروا ، لم تنزل التوراة بذلك  . 
وتأويل الآية على هذا القول : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل  من قبل أن تنزل التوراة وبعد نزولها ، إلا ما حرم إسرائيل  على نفسه من قبل أن تنزل التوراة بمعنى : لكن إسرائيل  حرم على نفسه من قبل أن تنزل التوراة بعض ذلك . وكأن الضحاك  وجه قوله : " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " إلى الاستثناء الذي يسميه النحويون "الاستثناء المنقطع" . 
وقال آخرون : تأويل ذلك : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل  إلا ما حرم إسرائيل  على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، فإن ذلك حرام على ولده بتحريم إسرائيل  إياه على ولده ، من غير أن يكون الله حرمه على إسرائيل  ولا على ولده .  [ ص: 10 ] 
ذكر من قال ذلك : 
7401 - حدثني محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " فإنه حرم على نفسه العروق ، وذلك أنه كان يشتكي عرق النسا ، فكان لا ينام الليل ، فقال : والله لإن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد وليس مكتوبا في التوراة  ! وسأل محمد صلى الله عليه وسلم نفرا من أهل الكتاب فقال : ما شأن هذا حراما؟ فقالوا : هو حرام علينا من قبل الكتاب . فقال الله عز وجل : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل   " إلى" إن كنتم صادقين   " . 
7402 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج  قال ، قال  ابن جريج ،  قال ابن عباس   : أخذه - يعني إسرائيل - عرق النسا ، فكان لا يبيت بالليل من شدة الوجع ، وكان لا يؤذيه بالنهار ، فحلف لإن شفاه الله لا يأكل عرقا أبدا ، وذلك قبل أن تنزل التوراة . فقال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم : نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل على نفسه . قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " ، وكذبوا ، ليس في التوراة  . 
قال أبو جعفر   : وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ، قول من قال : "معنى ذلك : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل  من قبل أن تنزل التوراة ، إلا ما حرم إسرائيل  على نفسه من غير تحريم الله ذلك عليه ، فإنه كان حراما عليهم بتحريم أبيهم إسرائيل  ذلك عليهم ، من غير أن يحرمه الله عليهم في تنزيل ولا وحي قبل التوراة ، حتى نزلت التوراة ، فحرم الله عليهم فيها ما شاء ، وأحل لهم فيها ما أحب" . 
وهذا قول قالته جماعة من أهل التأويل ، وهو معنى قول ابن عباس  الذي ذكرناه قبل . 
ذكر بعض من قال ذلك :  [ ص: 11 ] 
7403 - حدثنا بشر  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة   " ، وإسرائيل ، هو يعقوب " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " يقول : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل من قبل أن تنزل التوراة . إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ، فلما أنزل الله التوراة حرم عليهم فيها ما شاء وأحل لهم ما شاء  . 
7404 - حدثت عن عمار  قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن قتادة  بنحوه . 
واختلف أهل التأويل في الذي كان إسرائيل  حرمه على نفسه   . 
فقال بعضهم : كان الذي حرمه إسرائيل  على نفسه العروق . 
ذكر من قال ذلك : 
7405 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ،  قال ، حدثنا هشيم  قال ، أخبرنا أبو بشر ،  عن يوسف بن ماهك  قال : جاء أعرابي إلى ابن عباس  فقال إنه جعل امرأته عليه حراما ، قال : ليست عليك بحرام . قال : فقال الأعرابي : ولم؟ والله يقول في كتابه : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   "؟ قال : فضحك ابن عباس  وقال : وما يدريك ما كان إسرائيل  حرم على نفسه؟ قال : ثم أقبل على القوم يحدثهم فقال : إسرائيل  عرضت له الأنساء فأضنته ، فجعل لله عليه إن شفاه الله منها لا يطعم عرقا . قال : فلذلك اليهود  تنزع العروق من اللحم  . 
7406 - حدثنا ابن بشار  قال ، حدثنا محمد بن جعفر  قال ، حدثنا شعبة ،   [ ص: 12 ] عن أبي بشر   . قال : سمعت يوسف بن ماهك  يحدث : أن أعرابيا أتى ابن عباس ،  فذكر رجلا حرم امرأته فقال : إنها ليست بحرام . فقال الأعرابي : أرأيت قول الله عز وجل : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " ؟ فقال : إن إسرائيل  كان به عرق النسا ، فحلف لإن عافاه الله أن لا يأكل العروق من اللحم ، وإنها ليست عليك بحرام  . 
7407 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال ، حدثنا  ابن علية ،  عن سليمان التيمي ،  عن أبي مجلز  في قوله : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " قال ، إن يعقوب أخذه وجع عرق النسا ، فجعل لله عليه أو : أقسم ، أو : آلى : لا يأكله من الدواب . قال : والعروق كلها تبع لذلك العرق  . 
7408 - حدثنا بشر  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قال : ذكر لنا أن الذي حرم إسرائيل  على نفسه : أن الأنساء أخذته ذات ليلة ، فأسهرته ، فتألى إن الله شفاه لا يطعم نسا أبدا ، فتتبعت بنوه العروق بعد ذلك يخرجونها من اللحم  . 
7409 - حدثت عن عمار  قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن قتادة  بنحوه وزاد فيه . قال : فتألى لإن شفاه الله لا يأكل عرقا أبدا ، فجعل بنوه بعد ذلك يتتبعون العروق ، فيخرجونها من اللحم . وكان"الذي حرم على نفسه من قبل أن تنزل التوراة" ، العروق . 
7410 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر ،  عن قتادة  في قوله : " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " قال ، اشتكى  [ ص: 13 ] إسرائيل عرق النسا فقال : إن الله شفاني لأحرمن العروق! فحرمها  . 
7411 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : حدثنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا  سفيان الثوري ،  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس  قال : كان إسرائيل  أخذه عرق النسا ، فكان يبيت له زقاء ، فجعل لله عليه إن شفاه أن لا يأكل العروق . فأنزل الله عز وجل : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " قال سفيان   : "له زقاء" ، يعني صياحا . 
7412 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قوله : "إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " قال ، كان يشتكي عرق النسا ، فحرم العروق  . 
7413 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  مثله . 
7414 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا جرير ،  عن منصور ،  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن ابن عباس  في قوله : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة   " قال : كان إسرائيل يأخذه عرق النسا ، فكان يبيت وله زقاء ، فحرم على نفسه أن يأكل عرقا  . 
وقال آخرون : بل " الذي كان إسرائيل حرم على نفسه " ، لحوم الإبل وألبانها . 
ذكر من قال ذلك : 
7415 - حدثنا القاسم ،  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن ابن  [ ص: 14 ] جريج ،  عن عبد الله بن كثير  قال : سمعنا أنه اشتكى شكوى ، فقالوا : إنه عرق النسا ، فقال : رب ، إن أحب الطعام إلي لحوم الإبل وألبانها ، فإن شفيتني فإني أحرمها علي قال  ابن جريج ،  وقال عطاء بن أبي رباح   : لحوم الإبل وألبانها حرم إسرائيل  . 
7416 - حدثنا محمد بن سنان  قال ، حدثنا أبو بكر الحنفي  قال ، حدثنا عباد ،  عن الحسن  في قوله : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل   " قال ، كان إسرائيل  حرم على نفسه لحوم الإبل ، وكانوا يزعمون أنهم يجدون في التوراة تحريم إسرائيل  على نفسه لحوم الإبل وإنما كان حرم إسرائيل  على نفسه لحوم الإبل قبل أن تنزل التوراة ، فقال الله : " فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " ، فقال : لا تجدون في التوراة تحريم إسرائيل  على نفسه ، أي لحم الإبل  . 
7417 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا يحيى بن سعيد  قال ، حدثنا سفيان  قال ، حدثنا حبيب بن أبي ثابت  قال ، حدثنا سعيد ،  عن ابن عباس   : أن إسرائيل  أخذه عرق النسا ، فكان يبيت بالليل له زقاء يعني : صياح قال : فجعل على نفسه لإن شفاه الله منه لا يأكله يعني : لحوم الإبل قال : فحرمه اليهود ،  وتلا هذه الآية : " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " ، أي : إن هذا قبل التوراة  . 
7418 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا يحيى بن عيسى ،  عن الأعمش ،  عن حبيب ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس  في : " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " قال ، حرم العروق ولحوم الإبل . قال : كان به عرق النسا ، فأكل من لحومها فبات بليلة يزقو ، فحلف أن لا يأكله أبدا  .  [ ص: 15 ] 
7419 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا  وكيع ،  عن إسرائيل ،  عن جابر ،  عن مجاهد  في قوله : " إلا ما حرم إسرائيل على نفسه   " . قال : حرم لحم الأنعام  . 
قال أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال بالصواب ، قول ابن عباس  الذي رواه الأعمش ،  عن حبيب ،  عن سعيد  عنه : أن ذلك : العروق ولحوم الإبل ، لأن اليهود  مجمعة إلى اليوم على ذلك من تحريمها ، كما كان عليه من ذلك أوائلها . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك خبر ، وهو : ما : - 
7420 - حدثنا أبو كريب  قال ، حدثنا  يونس بن بكير ،  عن عبد الحميد بن بهرام ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن ابن عباس   : أن عصابة من اليهود  حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم ، أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل  على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن إسرائيل  يعقوب  مرض مرضا شديدا ، فطال سقمه منه ، فنذر لله نذرا لإن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه ، وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها؟ فقالوا : اللهم نعم  . 
وأما قوله : " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين   " ، فإن معناه : قل ، يا محمد ،  للزاعمين من اليهود  أن الله حرم عليهم في التوراة العروق ولحوم الإبل وألبانها : " ائتوا بالتوراة فاتلوها " ، يقول : قل لهم : جيئوا بالتوراة فاتلوها ، حتى يتبين لمن خفي عليه كذبهم وقيلهم الباطل على الله من أمرهم : أن ذلك ليس مما  [ ص: 16 ] أنزلته في التوراة " إن كنتم صادقين   " ، يقول : إن كنتم محقين في دعواكم أن الله أنزل تحريم ذلك في التوراة ، فأتونا بها ، فاتلوا تحريم ذلك علينا منها . 
وإنما ذلك خبر من الله عن كذبهم ، لأنهم لا يجيئون بذلك أبدا على صحته ، فأعلم الله بكذبهم عليه نبيه صلى الله عليه وسلم ، وجعل إعلامه إياه ذلك حجة له عليهم . لأن ذلك إذ كان يخفى على كثير من أهل ملتهم ، فمحمد  صلى الله عليه وسلم وهو أمي من غير ملتهم ، لولا أن الله أعلمه ذلك بوحي من عنده كان أحرى أن لا يعلمه . فكان ذلك له صلى الله عليه وسلم ، من أعظم الحجة عليهم بأنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، إليهم . لأن ذلك من أخبار أوائلهم ، كان من خفي علومهم الذي لا يعلمه غير خاصة منهم ، إلا من أعلمه الذي لا يخفى عليه خافية من نبي أو رسول ، أو من أطلعه الله على علمه ممن شاء من خلقه . 
				
						
						
