القول في تأويل قوله ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ( 142 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : "أم حسبتم " ، يا معشر أصحاب محمد ، وظننتم "أن تدخلوا الجنة " ، وتنالوا كرامة ربكم ، وشرف المنازل عنده "ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم " ، يقول : ولما يتبين لعبادي المؤمنين ، المجاهد منكم في سبيل الله ، على ما أمره به .
وقد بينت معنى قوله : " ولما يعلم الله " ، "وليعلم الله " ، وما أشبه ذلك ، بأدلته فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته . .
وقوله : " ويعلم الصابرين " ، يعني : الصابرين عند البأس على ما ينالهم في ذات الله من جرح وألم ومكروه . كما : - [ ص: 247 ]
7929 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة " وتصيبوا من ثوابي الكرامة ، ولم أختبركم بالشدة ، وأبتليكم بالمكاره ، حتى أعلم صدق ذلك منكم الإيمان بي ، والصبر على ما أصابكم في .
ونصب " ويعلم الصابرين " ، على الصرف . و "الصرف " ، أن يجتمع فعلان ببعض حروف النسق ، وفي أوله ما لا يحسن إعادته مع حرف النسق ، فينصب الذي بعد حرف العطف على الصرف ، لأنه مصروف عن معنى الأول ، ولكن يكون مع جحد أو استفهام أو نهي في أول الكلام . وذلك كقولهم : "لا يسعني شيء ويضيق عنك " ، لأن "لا " التي مع "يسعني " لا يحسن إعادتها مع قوله : "ويضيق عنك " ، فلذلك نصب . .
والقرأة في هذا الحرف على النصب .
وقد روي عن الحسن أنه كان يقرأ : ( ويعلم الصابرين ) ، فيكسر "الميم " من "يعلم " ، لأنه كان ينوي جزمها على العطف به على قوله : " ولما يعلم الله " .