القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_29687_29662تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : وما يموت
محمد ولا غيره من خلق الله إلا بعد بلوغ أجله الذي جعله الله غاية لحياته وبقائه ، فإذا بلغ ذلك من الأجل الذي كتبه الله له ، وأذن له بالموت ، فحينئذ يموت . فأما قبل ذلك ، فلن يموت بكيد كائد ولا بحيلة محتال ، كما : -
7954 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا " ، أي : إن لمحمد أجلا هو بالغه ، إذا أذن الله له في ذلك كان .
[ ص: 261 ]
وقد قيل إن معنى ذلك : وما كانت نفس لتموت إلا بإذن الله .
وقد اختلف أهل العربية في معنى الناصب قوله : "كتابا مؤجلا " .
فقال بعض نحويي البصرة : هو توكيد ، ونصبه على : "كتب الله كتابا مؤجلا " . قال : وكذلك كل شيء في القرآن من قوله : ( حقا ) إنما هو : أحق ذلك حقا " . وكذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وعد الله ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28رحمة من ربك ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صنع الله الذي أتقن كل شيء ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24كتاب الله عليكم ) ، إنما هو : صنع الله هكذا صنعا . فهكذا تفسير كل شيء في القرآن من نحو هذا ، فإنه كثير .
وقال بعض نحويي الكوفة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله " ، معناه : كتب الله آجال النفوس ، ثم قيل : "كتابا مؤجلا " ، فأخرج قوله : "كتابا مؤجلا " ، نصبا من المعنى الذي في الكلام ، إذ كان قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله " ، قد أدى عن معنى : "كتب " ، قال : وكذلك سائر ما في القرآن من نظائر ذلك ، فهو على هذا النحو .
وقال آخرون منهم : قول القائل : "زيد قائم حقا " ، بمعنى : "أقول زيد قائم حقا " ، لأن كل كلام "قول " ، فأدى المقول عن "القول " ، ثم خرج ما بعده منه ، كما تقول : "أقول قولا حقا " ، وكذلك "ظنا " و "يقينا " وكذلك : "وعد الله " ، وما أشبهه .
[ ص: 262 ]
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي ، أن كل ذلك منصوب على المصدر من معنى الكلام الذي قبله ، لأن في كل ما قبل المصادر التي هي مخالفة ألفاظها ألفاظ ما قبلها من الكلام ، معاني ألفاظ المصادر وإن خالفها في اللفظ ، فنصبها من معاني ما قبلها دون ألفاظه .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_29687_29662تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ : وَمَا يَمُوتُ
مُحَمَّدٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ أَجَلِهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ غَايَةً لِحَيَاتِهِ وَبَقَائِهِ ، فَإِذَا بَلَّغَ ذَلِكَ مِنَ الْأَجَلِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ لَهُ ، وَأَذِنَ لَهُ بِالْمَوْتِ ، فَحِينَئِذٍ يَمُوتُ . فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلَنْ يَمُوتَ بِكَيْدِ كَائِدٍ وَلَا بِحِيلَةِ مُحْتَالٍ ، كَمَا : -
7954 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا " ، أَيْ : إِنَّ لِمُحَمَّدٍ أَجَلًا هُوَ بَالِغُهُ ، إِذَا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ .
[ ص: 261 ]
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا كَانَتْ نَفْسٌ لِتَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى النَّاصِبِ قَوْلُهُ : "كِتَابًا مُؤَجِّلًا " .
فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ : هُوَ تَوْكِيدٌ ، وَنَصْبُهُ عَلَى : "كَتَبَ اللَّهُ كِتَابًا مُؤَجَّلًا " . قَالَ : وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ : ( حَقًّا ) إِنَّمَا هُوَ : أَحِقُّ ذَلِكَ حَقًّا " . وَكَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95وَعْدَ اللَّهِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) ، إِنَّمَا هُوَ : صَنَعَ اللَّهُ هَكَذَا صُنْعًا . فَهَكَذَا تَفْسِيرُ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَحْوِ هَذَا ، فَإِنَّهُ كَثِيرٌ .
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسِ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " ، مَعْنَاهُ : كَتَبَ اللَّهُ آجَالَ النُّفُوسِ ، ثُمَّ قِيلَ : "كِتَابًا مُؤَجَّلًا " ، فَأُخْرِجَ قَوْلُهُ : "كِتَابًا مُؤَجَّلًا " ، نَصْبًا مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْكَلَامِ ، إِذْ كَانَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسِ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " ، قَدْ أَدَّى عَنْ مَعْنَى : "كَتَبَ " ، قَالَ : وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ .
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : قَوْلُ الْقَائِلِ : "زَيْدٌ قَائِمٌ حَقًّا " ، بِمَعْنَى : "أَقُولُ زَيْدٌ قَائِمٌ حَقًّا " ، لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ "قَوْلٌ " ، فَأَدَّى الْمَقُولُ عَنِ "الْقَوْلِ " ، ثُمَّ خَرَجَ مَا بَعْدَهُ مِنْهُ ، كَمَا تَقُولُ : "أَقُولُ قَوْلَا حَقًّا " ، وَكَذَلِكَ "ظَنًّا " وَ "يَقِينًا " وَكَذَلِكَ : "وَعْدَ اللَّهِ " ، وَمَا أَشْبَهَهُ .
[ ص: 262 ]
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي ، أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ الَّذِي قَبِلَهُ ، لِأَنَّ فِي كُلِّ مَا قَبْلَ الْمَصَادِرِ الَّتِي هِيَ مُخَالِفَةٌ أَلْفَاظُهَا أَلْفَاظَ مَا قَبِلَهَا مِنَ الْكَلَامِ ، مَعَانِي أَلْفَاظِ الْمَصَادِرِ وَإِنْ خَالَفَهَا فِي اللَّفْظِ ، فَنَصْبُهَا مِنْ مَعَانِي مَا قَبْلَهَا دُونَ أَلْفَاظِهِ .