القول في تأويل قوله ( ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير    ( 180 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : أنه الحي الذي لا يموت ، والباقي بعد فناء جميع خلقه . 
فإن قال قائل : فما معنى قوله : "له ميراث السماوات والأرض" ، و"الميراث" المعروف ، هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته ، ولله الدنيا قبل فناء خلقه وبعده؟ 
قيل : إن معنى ذلك ما وصفنا ، من وصفه نفسه بالبقاء ، وإعلام خلقه أنه كتب عليهم الفناء . وذلك أن ملك المالك إنما يصير ميراثا بعد وفاته ، فإنما قال جل ثناؤه : " ولله ميراث السماوات والأرض   " ، إعلاما بذلك منه عباده أن أملاك جميع  [ ص: 441 ] خلقه منتقلة عنهم بموتهم ، وأنه لا أحد  إلا وهو فان سواه ، فإنه الذي إذا أهلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم ، لم يبق أحد  يكون له ما كانوا يملكونه غيره . 
وإنما معنى الآية : " ولا تحسبن الذي يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " ، بعد ما يهلكون وتزول عنهم أملاكهم ، في الحين الذي لا يملكون شيئا ، وصار لله ميراثه وميراث غيره من خلقه . 
ثم أخبر تعالى ذكره أنه بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضل وغيرهم من سائر خلقه ، ذو خبرة وعلم ، محيط بذلك كله ، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه ، المحسن بالإحسان ، والمسيء على ما يرى تعالى ذكره . 
				
						
						
