قال أبو جعفر : وهذا تعزية من الله جل ثناؤه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على الأذى الذي كان يناله من اليهود وأهل الشرك بالله من سائر أهل الملل . يقول الله تعالى له : لا يحزنك ، يا محمد ، كذب هؤلاء الذين قالوا : " إن الله فقير " ، وقالوا : " إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار " ، وافتراؤهم على ربهم اغترارا بإمهال الله إياهم ، ولا يعظمن عليك تكذيبهم إياك ، وادعاؤهم الأباطيل من عهود الله إليهم ، فإنهم إن فعلوا ذلك بك فكذبوك وكذبوا على الله ، فقد كذبت أسلافهم من رسل الله قبلك من جاءهم بالحجج القاطعة العذر ، والأدلة الباهرة العقل ، والآيات المعجزة الخلق ، وذلك هو البينات .
وأما"الزبر" فإنه جمع"زبور" ، وهو الكتاب ، وكل كتاب فهو : "زبور" ، ومنه قول امرئ القيس :
[ ص: 451 ]
لمن طلل أبصرته فشجاني؟ كخط زبور في عسيب يماني
ويعني : ب"الكتاب" ، التوراة والإنجيل . وذلك أن موسى عليه السلام من صفة اليهود كذبت عيسى وما جاء به ، وحرفت ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وبدلت عهده إليهم فيه ، وأن النصارى جحدت ما في الإنجيل من نعته ، وغيرت ما أمرهم به في أمره .
وأما قوله : "المنير" ، فإنه يعني : الذي ينير فيبين الحق لمن التبس عليه ويوضحه .
وإنما هو من"النور" والإضاءة ، يقال : "قد أنار لك هذا الأمر" ، بمعنى : أضاء لك وتبين ، "فهو ينير إنارة ، والشيء منير" ، وقد : -
8312 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : " فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك " ، قال : يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم .
8313 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قوله : " ابن جريج فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك " ، قال : يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم .
وهذا الحرف في مصاحف أهل الحجاز والعراق : "والزبر" بغير"باء" ، وهو في مصاحف أهل الشام : "وبالزبر" بالباء ، مثل الذي في"سورة فاطر" . [ 25 ] .