قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : فأجاب هؤلاء الداعين بما وصف من أدعيتهم أنهم دعوا به ربهم ، بأني لا أضيع عمل عامل منكم عمل خيرا ، ذكرا كان العامل أو أنثى .
وذكر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء في الهجرة"؟ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك هذه الآية .
8367 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أم سلمة : يا رسول الله ، تذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر؟ فنزلت : " أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " ، الآية . [ ص: 487 ] قالت
8368 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن قال : سمعت رجلا من ولد عمرو بن دينار أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أم سلمة : يا رسول الله ، لا أسمع الله يذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله تبارك وتعالى : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " . قالت
8369 - حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا سفيان ، عن عن رجل من ولد عمرو بن دينار ، أم سلمة ، أم سلمة : أنها [ ص: 488 ] قالت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله تعالى : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض " . عن
وقيل : " فاستجاب لهم " بمعنى : فأجابهم ، كما قال الشاعر :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى؟ فلم يستجبه عند ذاك مجيب
بمعنى : فلم يجبه عند ذاك مجيب .
[ ص: 489 ]
وأدخلت"من" في قوله : " من ذكر أو أنثى " على الترجمة والتفسير عن قوله : "منكم" ، بمعنى : " لا أضيع عمل عامل منكم " ، من الذكور والإناث . وليست"من" هذه بالتي يجوز إسقاطها وحذفها من الكلام في الجحد ، لأنها دخلت بمعنى لا يصلح الكلام إلا به .
وزعم بعض نحويي البصرة أنها دخلت في هذا الموضع كما تدخل في قولهم : "قد كان من حديث" ، قال : و"من" هاهنا أحسن ، لأن النهي قد دخل في قوله : "لا أضيع" .
وأنكر ذلك بعض نحويي الكوفة وقال : لا تدخل"من" وتخرج إلا في موضع الجحد . وقال : قوله : " لا أضيع عمل عامل منكم " ، لم يدركه الجحد ، لأنك لا تقول : "لا أضرب غلام رجل في الدار ولا في البيت" ، فتدخل ، "ولا" ، لأنه لم ينله الجحد ، ولكن"من" مفسرة .
وأما قوله : " بعضكم من بعض " ، فإنه يعني : بعضكم أيها المؤمنون الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم من بعض ، في النصرة والملة والدين ، وحكم جميعكم فيما أنا بكم فاعل ، على حكم أحدكم في أني لا أضيع عمل ذكر منكم ولا أنثى .