رب يسر
القول في يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) تأويل قوله عز وجل (
قال أبو جعفر : يعني بقوله تعالى ذكره : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " ، احذروا ، أيها الناس ، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم ، فيحل بكم من عقوبته ما لا قبل لكم به .
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب [ ص: 514 ] الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له ، فقال : " حق الأخ على أخيه ، الذي خلقكم من نفس واحدة " ، يعني : من آدم ، كما : -
8400 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : أما" السدي خلقكم من نفس واحدة " ، فمن آدم عليه السلام .
8401 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع سعيد ، عن قتادة قوله : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " ، يعني آدم صلى الله عليه .
8402 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد : " خلقكم من نفس واحدة " ، قال : آدم .
ونظير قوله : " من نفس واحدة " ، والمعني به رجل ، قول الشاعر .
أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ، ذاك الكمال
فقال : "ولدته أخرى" ، وهو يريد"الرجل" ، فأنث للفظ"الخليفة" . وقال تعالى ذكره : "من نفس واحدة" لتأنيث"النفس" ، والمعنى : من رجل واحد . ولو قيل : "من نفس واحد" ، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى ، كان صوابا .