القول في من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم ( 12 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : من بعد وصية يوصي بها ، أي : هذا الذي فرضت لأخي الميت الموروث كلالة وأخته أو إخوته وأخواته من ميراثه وتركته ، إنما هو لهم من بعد قضاء دين الميت الذي كان عليه يوم حدث به حدث الموت من تركته ، وبعد إنفاذ وصاياه الجائزة التي يوصي بها في حياته لمن أوصى له بها بعد وفاته ، كما :
8779 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : من بعد وصية يوصي بها أو دين ، والدين أحق ما بدئ به من جميع المال ، فيؤدى عن أمانة الميت ، ثم الوصية ، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم .
وأما قوله : غير مضار ، فإنه يعني تعالى ذكره : من بعد وصية يوصي بها ، غير مضار ورثته في ميراثهم عنه ، كما :
8780 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، [ ص: 65 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : غير مضار ، قال : في ميراث أهله .
8781 - حدثني القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد قوله : غير مضار ، قال : في ميراث أهله .
8782 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : غير مضار وصية من الله ، وإن الله تبارك وتعالى كره الضرار في الحياة وعند الموت ، ونهى عنه ، وقدم فيه ، فلا تصلح مضارة في حياة ولا موت .
8783 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال : حدثنا عبيدة بن حميد وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا جميعا ، عن ابن علية عن داود بن أبي هند ، عكرمة ، عن ابن عباس في هذه الآية : غير مضار وصية من الله والله عليم حليم ، قال : من الكبائر . الضرار في الوصية
8784 - حدثنا ابن أبي الشوارب قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الضرار في الوصية من الكبائر .
8785 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مثله .
8786 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الحيف في الوصية من الكبائر .
8787 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى ابن أبي عدي وعبد الأعلى قالا : حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الضرار والحيف في الوصية من الكبائر .
[ ص: 66 ] 8788 - حدثني قال : حدثنا موسى بن سهل الرملي إسحاق بن إبراهيم أبو النضر قال : حدثنا عمر بن المغيرة قال : حدثنا عن داود بن أبي هند ، عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . الضرار في الوصية من الكبائر
[ ص: 67 ] 8789 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا أبو عمرو التيمي ، عن أبي الضحى قال : دخلت مع مسروق على مريض ، فإذا هو يوصي قال : فقال له مسروق : اعدل لا تضلل .
ونصبت غير مضار على الخروج من قوله : يوصى بها .
وأما قوله : " وصية " فإن نصبه من قوله : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وسائر ما أوصى به في الاثنين ، ثم قال : " وصية من الله " مصدرا من قوله : " يوصيكم " .
وقد قال بعض أهل العربية : ذلك منصوب من قوله : " فلكل واحد منهما السدس " " وصية من الله " وقال : هو مثل قولك : " لك درهمان نفقة إلى أهلك " .
قال أبو جعفر : والذي قلناه بالصواب أولى ، لأن الله - جل ثناؤه - افتتح ذكر قسمة المواريث في هاتين الآيتين بقوله : يوصيكم الله ، ثم ختم ذلك بقوله : وصية من الله ، أخبر أن جميع ذلك وصية منه به عباده ، فنصب قوله : " وصية " على المصدر من قوله : " يوصيكم " أولى من نصبه على التفسير من قوله : فلكل واحد منهما السدس ، لما ذكرنا .
[ ص: 68 ] ويعني بقوله تعالى ذكره : وصية من الله ، عهدا من الله إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم " والله عليم " يقول : والله ذو علم بمصالح خلقه ومضارهم ، ومن يستحق أن يعطى من أقرباء من مات منكم وأنسبائه من ميراثه ، ومن يحرم ذلك منهم ، ومبلغ ما يستحق به كل من استحق منهم قسما ، وغير ذلك من أمور عباده ومصالحهم " حليم " يقول : ذو حلم على خلقه ، وذو أناة في تركه معاجلتهم بالعقوبة على ظلم بعضهم بعضا ، في إعطائهم الميراث لأهل الجلد والقوة من ولد الميت ، وأهل الغناء والبأس منهم ، دون أهل الضعف والعجز من صغار ولده وإناثهم .