القول في تأويل قوله تعالى ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم   ( 13 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " تلك حدود الله " .  فقال بعضهم : يعني به : تلك شروط الله . 
ذكر من قال ذلك : 
8790 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا  [ ص: 69 ] أسباط ،  عن  السدي   : " تلك حدود الله " يقول : شروط الله . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : تلك طاعة الله . 
ذكر من قال ذلك : 
8791 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال : حدثنا معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " تلك حدود الله " يعني : طاعة الله ، يعني المواريث التي سمى الله . 
وقال آخرون : معنى ذلك : تلك سنة الله وأمره . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : تلك فرائض الله . 
وقال أبو جعفر   : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبينوه ، وهو أن " حد " كل شيء : ما فصل بينه وبين غيره ، ولذلك قيل لحدود الدار وحدود الأرضين : " حدود " لفصلها بين ما حد بها وبين غيره . 
فكذلك قوله : " تلك حدود الله   " معناه : هذه القسمة التي قسمها لكم ربكم ، والفرائض التي فرضها لأحيائكم من موتاكم في هذه الآية على ما فرض وبين في هاتين الآيتين ، " حدود الله " يعني : فصول ما بين طاعة الله ومعصيته في قسمكم مواريث موتاكم ، كما قال ابن عباس   . وإنما ترك " طاعة الله " والمعني  [ ص: 70 ] بذلك : حدود طاعة الله ، اكتفاء بمعرفة المخاطبين بذلك بمعنى الكلام من ذكرها . والدليل على صحة ما قلنا في ذلك قوله : ومن يطع الله ورسوله  ، والآية التي بعدها : ومن يعص الله ورسوله   . 
فتأويل الآية إذا : هذه القسمة - التي قسم بينكم ، أيها الناس ، عليها ربكم مواريث موتاكم - فصول فصل بها لكم بين طاعته ومعصيته ، وحدود لكم تنتهون إليها فلا تتعدوها ، ليعلم منكم أهل طاعته من أهل معصيته ، فيما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بينكم ، وفيما نهاكم عنه منها . 
ثم أخبر - جل ثناؤه - عما أعد لكل فريق منهم فقال لفريق أهل طاعته في ذلك : " ومن يطع الله ورسوله    " في العمل بما أمره به ، والانتهاء إلى ما حده له في قسمة المواريث وغيرها ، ويجتنب ما نهاه عنه في ذلك وغيره " يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار " . 
فقوله : " يدخله جنات " يعني : بساتين تجري من تحت غروسها وأشجارها الأنهار " خالدين فيها   " يقول : باقين فيها أبدا لا يموتون فيها ولا يفنون ، ولا يخرجون منها " وذلك الفوز العظيم   " . 
يقول : وإدخال الله إياهم الجنان التي وصفها على ما وصف من ذلك  [ ص: 71 ]  " الفوز العظيم " يعني : الفلح العظيم . 
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
8792 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد   : تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله  الآية ، قال : في شأن المواريث التي ذكر قبل . 
8793 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " تلك حدود الله   " التي حد لخلقه ، وفرائضه بينهم من الميراث والقسمة ، فانتهوا إليها ولا تعدوها إلى غيرها  . 
				
						
						
